للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَصْلُ الْعَاشِرُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كتابه العزيز من كراماته عليه ومكانته عنده]

(فيما) أي في ذكر ما (أظهره الله تعالى في كتابه العزيز) أي المنيع الذي لا يعتري ساحة عزه إبطال وتحريف أو الكثير النفع العديم النظير اللطيف (من كرامته عليه ومكانته عنده) الأولى لديه (وما) أي وفي بيان (خصّه به من ذلك) أي الإكرام (سوى ما انتظم) أي غير ما دخل (فيما ذكرناه قبل) هو مبني على الضم مقطوع عن الإضافة أي قبل ذلك في الفصول السابقة من الفضائل المتقدمة (من ذلك) أي الذي أكرم به ولم ينتظم فيما ذكره قبل (ما نصّه الله تعالى) أي صرحه وفي نسخة قصه (من قصّة الإسراء في سورة سبحان) وفي نسخة في قصة الإسراء من سورة سبحان وهي غير صحيحة، (والنّجم) أي وفي سورته وقد سبق الكلام عليه، (وما انطوت) أي ومن ذلك ما اشتملت (عليه القصّة) أي القضية (من عظيم منزلته وقربه) أي قرب مكانته المفهوم من قوله تعالى دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (ومشاهدته) أي مطالعته (ما شاهد من العجائب) أي ما رآه من الغرائب المستفاد من قَوْلِهِ تَعَالَى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى كرؤية الأنبياء وتمثلهم له ووقوفه على مقاماتهم وعجائب الملكوت وغرائب الجبروت ومشاهدة الملائكة المقربين وحملة العرش والكروبيين ورؤية العرش المحيط بالسموات والأرضين ورؤية رب العالمين مع كون ذهابه وإيابه في برهة من الليل مسيرة ما لا يعلمه أحد من المهندسين وقد ورد أن ما بين الأرض وسماء الدنيا مسافة خمسمائة عام وكذا ما بين كل سماء وسماء وكذا غلظ كل سماء وجميع السموات والأرضين بجنب الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة وهو بجنب العرش كحلقة ملقاة في فلاة وقد تعجب قريش من ذلك وأحالوه ولا استحالة فيه عند أرباب العقول إذ ثبت عند الحكماء في علم الهندسة أن ما بين طرفي قرص الشمس ضعف ما بين طرفي كرة الأرض مائة ونيفا وستين مرة ومع ذلك فطرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى في أقل من ساعة وقد حكم علماء الكلام من علماء الأنام بأن الأجسام متساوية في قبول الأعراض وأن الله قادر على جميع الممكنات فلا ينكر أن يخلق مثل هذه الحركة السريعة فيه صلى الله تعالى عليه وسلم أو في البراق كيف وقد ورد أنه يضع حافره عند منتهى طرفه والتعجب من لوازم المعجزات، (وَمِنْ ذَلِكَ عِصْمَتُهُ مِنَ النَّاسِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) أي يحفظك من تعرض أعدائك لك روى الترمذي كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه فقال يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله ولا ينافيه ما في البخاري وغيره من شج وجهه وكسر رباعيته يوم أحد لخصوص العصمة بالقتل تنبيها على أنه يجب على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يتحمل ما دون النفس لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أشد الناس من جهة البلاء أو أنهما بعد وقعته قال المنجاني والمراد بالناس في الآية الكفار بدليل قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ قلت الظاهر هو العموم ولا دلالة في الآية على

<<  <  ج: ص:  >  >>