للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله نسخه) أي رفعه (ومحوه من القلوب) أي من قلبه عليه الصلاة والسلام وقلب سائر الأنام (وترك استذكاره) في بقية الأيام فإنه من أنواع نسخ الكلام؛ (وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَنْسَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) بصيغة المفعول أو الفاعل (ما هذا سبيله) أي المحو بعد البلاغ (كرّة) أي بالمرة (وَيَجُوزُ أَنْ يُنَسِّيَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْبَلَاغِ مَا لَا يُغَيِّرُ نَظْمًا وَلَا يُخَلِّطُ حُكْمًا مِمَّا لا يدخل خللا في الخبر) أي في مبناه أو معناه (ثمّ يذكّره إيّاه) كما يشير إليه قوله سبحانه وتعالى لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ

وحاصله بيان عصمته عن أن يقع له خطأ في قراءته عند تبليغ أمته (وَيَسْتَحِيلُ دَوَامُ نِسْيَانِهِ لَهُ لَحِفْظِ اللَّهِ كِتَابَهُ) بقوله إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (وتكليفه) ويروى وتكفيله (بلاغه) بقوله يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ.

فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

وَالْكَلَامِ عَلَى مَا احْتَجُّوا بِهِ فِي ذَلِكَ) أي ما استدلوا به من الظواهر هنالك (اعْلَمْ أَنَّ الْمُجَوِّزِينَ لِلصَّغَائِرِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الفقهاء والمحدّثين ومن شايعهم) أي تابعهم كما في نسخة (على ذلك من المتكلّمين) كأبي جعفر الطبري وغيره (احتجّوا على ذلك) أي على تجويزها عليهم (بظواهر كثيرة من القرآن) أي القديم (والحديث) أي السنة (إن التزموا ظواهرها) من غير أن يأولوا أكثرها واتخذوها مذهبا وطريقة (أفضت بهم) أوصلتهم (إلى تجويز الكبائر) عليهم (وخرق الإجماع) أي وإلى مخالفتهم (وما لا يقول به مسلم) أي من تجويز الكبائر بعد البعثة عمدا فإنه لا يقول به إلا الحشوية (فكيف) يجوزون الصغائر عليهم (وَكُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِمَّا اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ في معناه) أي في تأويل مبناه (وتقابلت الاحتمالات) أو الاحتمالان (في مقتضاه) أي موجبه ومؤداه ومع وجود الاحتمال لا يصح الاستدلال (وجاءت أقاويل) جمع أقوال جمع قول أي أقوال كثيرة (في هذا المبحث) وفي نسخة فيها أي في هذه القضية (للسّلف) الصالحين من الصحابة والتابعين (بخلاف ما التزموه) أي بعض الخلف (من ذلك) أي من تجويز ما هنالك وفي نسخة في ذلك (فإذا لم يكن مذهبهم إجماعا) أي بجمع المسلمين (وكان الخلاف فيما احتجّوا به قديما) من أيام المتقدمين (وقامت الدّلالة) أي العقلية (على خطأ قولهم وصحّة غيره) أي غير مقالهم (وجب تركه) جواب إذا (والمصير إلى ما صحّ) دليله عقلا ونقلا على أن متابعة السلف أولى من موافقة الخلف (وها) تنبيه (نحن نأخذ) أي نشرع (في النّظر فيها) أي في التأويل والتفكر في الأدلة وما يترتب عليها من حكم المسألة (إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى لنبيّنا صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: ٢] ) أي ما صدر منه جائزا وكان تركه أولى فغفر له بترك عتابه في مقام خطابه؛ (وقوله) تعالى (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ [محمد: ١٩] ) كتقصير في العبادة أو رؤية

<<  <  ج: ص:  >  >>