للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاله الدلجي تبعا للشمني وفي القاموس الصبب محركة تصبب نهر أو طريق يكون في حدوره وما انصب من الرمل وما أنحدر من الأرض وكل هذه المعاني تشير إلى أن الصبب بمعنى المنخفض لا بمعنى المرتفع وقد صرح الحجازي وغيره بأنه ما انحدر من الأرض وأغرب الحلبي حيث قال من موضع مرتفع منحدر فالأولى أن يقال من بمعنى في كما في قوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ويؤيده أنه جاء في رواية كأنما يهوي في صبوب بفتح الصاد وضمها فالمعنى كأنما ينزل من علو إلى سفل فإنه حينئذ يكون المشي بقوة لكن لا بإبطاء ولا بسرعة والمقصود من الحديث هذه الفقرة الدالة على كمال قوته البدنية في مسيرته الحسية وأما مسيرته المعنوية فقد علم في القضية الإسرائية.

فصل [وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول]

(وأمّا فصاحة اللّسان وبلاغة القول) أي في معرض البيان وخص الفصاحة باللسان لنطقه بالمفرد والمركب المطابقين لمقتضى الحال وهما يوصفان بها كالمتكلم والبلاغة بالقول إذ لا يكون إلا كلاما ذا اسناد يبلغ به المتكلم إرادته ويوصف بها الكلام كالمتكلم دون الكلمة لأنها لا يبلغ بها الغرض فراعى المصنف اصطلاح علماء المعاني والبيان في تقرير هذا الشأن (فقد كان صلى الله تعالى عليه وسلم من ذلك) أي مما ذكر من الفصاحة والبلاغة (بالمحلّ الأفضل والموضع الذي لا يجهل) بصيغة المجهول أي الظاهر بالوجه الأكمل (سلاسة طبع) بفتح السين ونصبت بنزع الخافض أي بسهولة جبلة وانقياد طبيعة وفي نسخة مع سلامة طبع (وبراعة منزع) بفتح الميم والزاء أي مأخذ ومطلع والبراعة بفتح الموحدة مصدر برع الرجل فاق أقرانه ووصفها بصفة صاحبها مبالغة أي منزعا بارعا وحاصله جودة لسان ولكافة بيان وأما قول التلمساني إنه بكسر الميم وهو السهم الذي نزع به واستعاره القاضي للسان مجازا إذ هو آلة الكلام ففي غاية من البعد مع مخالفته للأصول المعتمدة (وإيجاز مقطع) أي ومقطعا موجزا من أوجز أتى بكلام قل مبانيه وكثر معانيه والمقطع بفتح الميم والطاء منتهى المرام كما أن النزع مبدأ الكلام فالمعنى أن كلامه حسن الابتداء ومستحسن الانتهاء وهو المطلع والمقطع بأسلوب الشعراء من الفصحاء والبلغاء وأما ذكره التلمساني من أنه بكسر الميم وهو في الأصل شفرة حادة يقطع بها الشيء استعاره للقول مجازا إذ هي آلة فهو مع مخالفته للنسخ المصححة في غاية من التكلف ونهاية من التعسف (ونصاعة لفظ) بفتح النون أي ولفظا ناصعا أي خالصا من شوائب تنافر الحروف وغرابة الألفاظ وارتكاب الشذوذ (وجزالة قول) أي وقولا جزلا لا ركاكة فيه ولا ضعف تأليف وتركيب ينافيه بل نسجت خبره الحبرية على منوال تراكيب العربية (وصحّة معان) أي ومعاني صحيحة يستفاد منها مقاصد صريحة قال التلمساني ومعان جمع معنى بالياء وبدونها ولا خفاء لما فيه من ايهام أنهما لغتان وليس كذلك بل اختلافهما بحسب تفاوت إعرابهما (وقلّة تكلّف) أي قلة طلب كلفة في التأدية بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>