ولم يؤمن به، (وقال أبو هريرة رضي الله عنه) كما رواه الترمذي في شمائله والبيهقي في دلائله: (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم في مشيه) وفي نسخة مشيته بكسر الميم وزيادة التاء أي في هيئة مشيه وهي غير ملائمة لأسرع كما قاله المنجاني فتأمل في تحقيق المباني والمعاني (كأنّما الأرض) بالرفع لزيادة ما الكافة المانعة ما قبلها عما بعدها من العمل (تطوى له) بصيغة المجهول أي تنزوي وتجمع وتقرب وتدنو وقيل تطوى كطي الملاءة وأما المشي في الهوى وعلى الماء كما وقع لبعض الأصفياء فإنه يصدر بإذن رب السماء ثم بين وجهه بقوله، (إنّا) أي معشر الصحابة (لنجهد أنفسنا) بفتح النون والهاء وفي نسخة بضم النون وكسر الهاء من جهد دابته وأجهدها إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها فالمعنى لنتعب أنفسنا بالجهد فوق طاقتها (وهو غير مكثرث) بكسر الراء أي والحال أنه صلى الله تعالى عليه وسلم غير مبال بمشينا ولا متأثر يمشي هونا ورفقا لقوله تعالى الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً ولقوله تعالى وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ومع ذلك يسبق من شاءه كرامة خص بها إذا أعطي قوة زائدة على قوى سائر البشر لحديث كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين رجلا أي في المشي والبطش والجماع ونحوها وكان يطوف على نسائه في غسل واحد وكن تسعا، (وفي صفته عليه السّلام) أي نعته من جهة حسن شمائله (أنّ ضحكه كان تبسّما) لما في البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عَنْهَا مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم ويشير إليه قوله تعالى فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً وفيه إيماء إلى أن الاقتصاد في الضحك هو الذي ينبغي وان كان الضحك جائزا لما ورد في بعض الروايات أنه ضحك حتى بدت نواجذه وعن عبد الرزاق أنه سئل ابن عمر أكان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يضحكون أي أحيانا قال نعم وأن إيمانهم لأعظم من الجبال نعم يكره الاكثار منه كما قال لقمان لابنه إياك وكثرة الضحك فإنها تميت القلب وكما يشير إليه قوله تعالى فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ولأن كثرة الضحك تنبئ عن الغفلة والبكاء ينبئ عن الرحمة وروي عن الحسن أنه كان لا يضحك وهذا لما غلب عليه من الخوف والقبض بخلاف من غلب الرجاء والبسط فإنه يضحك ولا يبكي والأعدل هو الاعتدال من هذه الخصال على وفق شمائله صلى الله تعالى عليه وسلم من تفصيل الأحوال (إذا التفت) كذا في بعض النسخ والظاهر كما في أصل الدلجي وإذا التفت أي إلى أحد الجانبين (التفت معا) وفي رواية جميعا أي بجميع نظره لا بمؤخر عينيه كما هو دأب سارق النظر ويسمى نظر العداوة ومنه قوله تعالى يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ فاندفع قول الدلجي أي بجميع بدنه وينبغي أن يخص هذا بالتفاته وراءه وأما التفاته يمنة ويسرة فالظاهر أنه يعنقه (وإذا مشى) أي في مسيرة (مشى تقلّعا) بضم اللام المشددة أي رفع رجليه رفعا بقوة لا اختيالا لشدة عزمه ولأن تقريب الخطى من مشية النساء والأغنياء الأغبياء (كأنّما ينحطّ من صبب) بفتح المهملة والموحدة الأولى أي كأنما ينحدر من مرتفع