لتجلية الغين وتحلية العين (أن يختصّ) بصيغة الفاعل أو المفعول أي يصير مخصوصا (نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم بما ذكرناه من هذا الباب) يعني زيادة قوة باصرة ذلك الجناب وأدخل الدلجي في العبارة ما ليس في الكتاب (بعد الإسراء) أي بعد اسرائه إلى سدرة المنتهى (والحظوة) بضم الحاء وتكسر أي وبعد الحظ والحظاء (بما رأى من آيات ربّه الكبرى) أي من عجائب الملكوت وغرائب الجبروت ورؤية الرب بنظر العين أو ببصر القلب على ما تقدم والله أعلم وهذا بالنظر إلى القوى البصرية الحسية والمعنوية. (وقد جاءت الأخبار) أي الدالة على قوته البدنية كخبر أبي داود والترمذي (بأنّه) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (صرع) أي رمى وضرب على الأرض في حالة المصارعة (ركانة) بضم الراء وهو ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف (أشدّ أهل وقته) أي أقواهم في غلبة المصارعة وهو بالنصب بدل ويجوز رفعه (وكان) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (دعاه إلى الإسلام) جملة حالية قال الترمذي إسناده ليس بالقائم وقال البيهقي مرسل جيد وروي بإسناد موصولا إلا أنه ضعيف وفي سيرة ابن إسحاق خلا ركانة مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض شعاب مكة قبل أن يسلم فقال يا ركانة ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه فقال لو أعلم ما تقول حقا لاتبعتك فقال أرأيت إن صرعتك تعلم أن ما أقول حق قال نعم فلما بطش به صلى الله تعالى عليه وسلم اضجعه لا يملك من أمره شيئا ثم قال عد يا محمد فعاد فصرعه أيضا فقال يا محمد إن ذا العجب فقال صلى الله تعالى عليه وسلم وأعجب من ذلك إن شئت أن أريكه إن اتقيت الله واتبعت أمري قال ما هو أدعو لك هذه الشجرة فدعاها فأقبلت حتى وقفت بين يديه صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لها ارجعي مكانك فرجعت فلما رجع ركانة إلى قومه فقال يا بني عبد مناف ساحروا بصاحبكم أهل الأرض فو الله ما رأيت اسحر منه ثم أخبرهم بما رأى قال الحجازي وأسلم قبل الفتح قبل أن توفي بالمدينة سنة أربعين في زمن معاوية وقيل إنه من أجداد الشافعي قال المنجاني ولابنه يزيد أيضا إسلام وصحبة، (وصارع) يعني أيضا (أبا ركانة في الجاهليّة) صفة للملة أو الأمة أو الفترة (وَكَانَ شَدِيدًا وَعَاوَدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ) بالنصب على نزع الخافض ويجوز رفعه أي كل ما ذكر من المرات (يصرعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) قال الدلجي هذا وخبر أنه عليه السلام صارع أبا جهل فصرعه فلم يصحا بل لا أصل لهما وفيه أنه في مراسيل أبي داود ويزيد بن ركانة أو ركانة بن يزيد على الشك لكن الظاهر أن الصحيح ركانة كما قاله الحلبي وغيره لا كما قاله النووي إنه الصواب والله أعلم نعم مصارعة أبي جهل لا تصح اتفاقا هذا وقد ذكر السهيلي أن أبا الأشد بن الجمحي واسمه كلدة بفتح اللام وكان بلغ من شدته فيما زعموا أنه كان يقف على جلد البقرة ويجاذبه عشرة لينزعوه من تحت قدميه فيتخرق الجلد ولا يتزحزح عنه وقد دعا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى المصارعة وقال إن صرعتني آمنت بك فصرعه صلى الله تعالى عليه وسلم مرارا