الفصل الثّاني [في وصفه تعالى بالشهادة وما تعلق به من الثناء والكرامة]
(في وصفه تعالى له) وفي نسخة في وصفه له تعالى وهو خطأ فاحش (بالشّهادة، وما يتعلّق بها من الثّناء والمدح والكرامة) المراد بالشهادة شهادته صلى الله تعالى عليه وسلم بالتزكية للأمة أو بالتبليغ للأنبياء في موقف القيامة بناء على الاحتمالين المفهومين من قَوْلُهُ تَعَالَى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وقوله وما يتعلق به أي بوصفه فهو تعميم بعد تخصيص ببعضه وفي نسخة صحيحة وما يتعلق بها والمتبادر أنها ترجع إلى الشهادة والتحقيق أنها لمعنى ما المبين بما بعدها (قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) أي على من بعثت إليهم بتصديقهم وتكذيبهم ونجاتهم وضلالهم يوم القيامة أو شاهدا لله بالوحدانية أو مشاهدا له بالصمدانية (وَمُبَشِّراً) أي للمؤمنين بالجنة والوصلة (وَنَذِيراً [الأحزاب: ٤٥] ) أي منذرا ومخوفا للكافرين بالحرقة والفرقة ولعل وجه العدول عن منذرا إلى نذيرا مراعاة للفاصلة أو تفنن في العبارة ولذا لم يقل بشيرا مع أنه بمعنى مبشر (الآية) وتمامها وداعيا إلى الله أي إلى الإقرار به وبتوحيده بإذنه أي بتيسيره أو بأمره وهو قيد لجميع ما تقدم لا للدعوة وحدها كما يستفاد من البيضاوي والله تعالى أعلم وَسِراجاً مُنِيراً أي يستضاء به من ظلمات الجهالة ويقتبس من نوره ما يتخلص به عن الضلالة (جمع الله تعالى له في هذه الآية) أي بعد ما تعلق به عين العناية وتحقق له كمال الرعاية (ضروبا) أي أنواعا وأصنافا (من رتب الأثرة) بضم الراء وفتح ثاء جمع رتبة بمعنى المنزلة والمرتبة المخصوصة والأثرة محركة وبضم وبالكسر ما يستأثر به على غيره والأثرة بالضم المكرمة المتواترة كالمأثرة على ما في القاموس وقال النووي بالفتحتين هو الأفصح، (وجملة أوصاف) أي وجمع له نعوتا مجملة أو كثيرة (من المدحة) بكسر الميم أي الثناء والذكر الحسن وإذا فتحت الميم قلت المدح، (فجعله) أي الله تعالى (شاهدا على أمّته لنفسه) أي لذاته الشريفة (بإبلاغهم الرّسالة) من إضافة المصدر إلى مفعوله أي بإبلاغه إياهم ما يتعلق بأمر الرسالة (وهي) أي هذه الخصلة التي هي الشهادة لنفسه على الأمة بدون البينة (من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم) أي حيث لم يجعل غيره شاهدا بنفسه لنفسه على أمته فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا جحدت أمتهم تبليغهم إياهم فشهدوا لأنفسهم به فإن الله تعالى يطالبهم بالبينة وهو أعلم فنشهد لهم به فتقول أممهم لنا بم عرفتم ذلك فنقول بإخبار الله تعالى لنا في كتابه فيسأل الله تعالى نبينا عنا فيزكينا بشهادة وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً الآية وكفى بها حاكما على كون الإجماع حجة، (ومبشّرا لأهل طاعته) أي بالثواب العظيم، (ونذيرا لأهل معصيته) أي بالعقاب الأليم، (وداعيا إلى توحيده، وعبادته) أي من الدين القويم وفي أصل الدلجي وداعيا إلى الله بإذنه على وفق الآية أي بتيسيره وتسهيله، (وَسِراجاً مُنِيراً) أي مضيئا (يهتدى به للحقّ) بصيغة المجهول أي يهتدي الخلق به إلى