حديثه إلى أن يتجاوز منه ويتعدى إلى ما لا يليق به وقال التلمساني أي يفرط ويكثر والأول هو الأظهر فتديره (فيقطعه) أي فحينئذ يقطع حديثه (بنهي) أي صريح له أو عام يشتمله (أو قيام) أي بتلويح والأول زجر له والثاني إعراض عنه وهو مفيد لنهيه عنه إذ لا يقر على مثله، (ويروى بانتهاء أو قيام، وروي) أي كما في الأحياء وفي نسخة وَرُوِيَ (أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْلِسُ إِلَيْهِ أَحَدٌ وهو يصلّي) أي والحال أنه عليه الصلاة والسلام في صلاة من النوافل (إلّا خفّف صلاته) أي في إطالة صلاته (وسأله عن حاجته) أي دنيوية كانت أو أخروية (فإذا فرغ) أي عن قضاء حاجته (عاد إلى صلاته) أي المعتادة بالإطالة قال العراقي ولم أجد له أصلا، (وكان أكثر النّاس تبسّما) لكونه مظهر الجمال والبسط غالب عليه في كل حال وهذا معنى قوله (وأطيبهم نفسا) أي مستبشرا غير عبوس (ما لم ينزل عليه) بصيغة المجهول ويصح كونه للفاعل (قرآن) أي وحي متلو (أو يعظ) أي ما لم يعظ وينصح الناس ويعلمهم التأديب بالترغيب والترهيب (أو يخطب) أي في المنبر عند الجمع الأكبر فإنه حينئذ لم يكن متبسما ولا منبسطا بل كان يغلب عليه القبض لما فيه من مقال الإجلال بإظهار مظاهر ذي الجلال ففي كل مقام مقال ولكل مقال حال لأرباب الكمال (قال) أي على ما رواه أحمد والترمذي بسند حسن (عبد الله بن الحارث) وهو آخر من توفي من الصحابة بمصر والمراد به ابن جزء ابن عبد الله بن معدي كرب الزبيدي بضم الزاء وفي الصحابة من اسمه عبد الله بن الحارث أربعة عشر غيره على ما ذكره الحلبي وقال حديثه المذكور ههنا أخرجه الترمذي في المناقب من الجامع وهو في الشمائل أيضا (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعن أنس) قال كما رواه مسلم (كان خدم المدينة) بفتحتين جمع خادم والمعنى خدام أهلها (يأتون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا صلّى الغداة) أي صلاة الصبح (بآنيتهم) متعلق بيأتون والباء للتعدية أي يجيئون بأوانيهم (فيها الماء فما يؤتى) بصيغة المفعول من أتى يأتي أي ما يجاء (بآنية إلّا غمّس) أي أدخل (يَدَهُ فِيهَا وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْغَدَاةِ الباردة) أي وهو مع ذلك لا يمتنع مما هنالك (يريدون به) أي يغمس يده فيها (التّبرك) أي طلب البركة وحصول النعمة وزوال النقمة وكمال الرحمة هذا وفي الحديث المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من الذي يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
فصل [وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق]
(وأمّا الشّفقة) أي الخوف على وجه المحبة (والرّأفة) وهي شدة الرحمة (والرّحمة) أي المرحمة العامة (لجميع الخلق) أي مؤمنهم وكافرهم وأنسهم وجنهم وقريبهم وغريبهم وفقيرهم وغنيهم حتى مماليكهم والحيوانات وسائر الموجودات وفي نسخة صحيحة بتأخير الرأفة عن الرحمة وهو الأنسب في مقام المرتبة لكن الأول أوفق بما جاء في التنزيل فهو أولى (فقد قال الله تعالى فيه) أي في حقه عليه الصلاة والسلام (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ