يرسلها هو وهو تصحيف (ولم ير) بصيغة المجهول أي ولم بيصر حال كونه (مقدّما) بكسر الدال المهملة المشددة أي لم يعلم مقدما (ركبتيه بين يدي جليس له) أي فضلا عن أن يمد رجليه عند أحد من جلسائه وهذا كله تواضع وكمال تأدب وحسن عشرة (وكان) على ما في حديث ابن أبي هالة (يبدأ) أي يبتدىء وفي رواية يبدر بضم الدال والراء أي يبادر ويسبق (من لقيه بالسّلام) فإن هذه السنة أفضل من الفريضة لما فيه من التواضع والتسبب لأداء الواجب والضمير البارز له صلى الله تعالى عليه وسلم والضمير المستتر لمن ويحتمل العكس والأول أقرب إلى الأدب (ويبدأ أصحابه بالمصافحة) مفاعلة من الصاق صفحة الكف بالكف ويلزم منه مقابلة الوجه بالوجه عند اللقاء لأنها ملحوظة في معنى المصافحة خلافا لما يتوهم من كلام الدلجي ثم يستفاد من الحديث أن ما يفعله بعض العامة من مد الأصابع أو إشارة بعضها ليس على وجه السنة ثم رأيت التلمساني قال وصفتها وضع بطن الكف على بطن الأخرى عند التلاقي مع ملازمة ذلك على قدر ما يقع من السلام أو من السؤال والكلام أن عرض لهما وأما اختطاف اليد في أثر التلاقي فهو مكروه هذا وزاد الدلجي عن أبي ذر ما لقيته قط إلا صافحني وأسنده إلى أبي داود وهو ليس بموجود في النسخ المصححة والأصول المعتمدة (لم ير) أي كما رواه الدارقطني في غريب مالك وضعفه والمعنى لم يبصر أو لم يعلم (قطّ مادّا رجليه) أو إحديهما (بين أصحابه حتّى لا يضيق بهما على أحد) وهو كالعلة لتركه مدهما أي كان يترك مدهما حذرا من أن يضيق بهما على أحد من جلسائه شفقة عليهم وهو لا ينافي قصد تواضعه وإرادة أدبه معهم وفيه اقتباس من قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ أي ولو بلسان الحال تفسحوا في المجلس فافسحوا يفسح الله لكم، (يكرم من يدخل عليه) أي استئناسا والجملة وقعت استئنافا كما وقع ما قبلها ولعله فصلها عما قبلها حذرا من توهم كونها تتمة حديث سبقها (وربّما بسط له) أي فرش للداخل عليه (ثوبه) إكراما له منهم وائل ابن حجر الحضرمي ولعل المراد بثوبه رداؤه لقوله (ويؤثره) أي يقدمه على نفسه ويفرده (بالوسادة) أي بالجلوس عليها والاعتماد على المخدة (التي تحته) أي كانت تحته مفروشة إجلالا له وتكريما (ويعزم) أي يؤكد (عليه) أي على الداخل له (في الجلوس عليها) لدفع الوحشة وحصول المعذرة (إن أبى) أي امتنع من الجلوس عليها تأدبا لتلك الحضرة (ويكنّي) بتشديد النون (أصحابه) أي يجعل لهم كنى جمع كنية كأبي تراب وأبي هريرة وأم سلمة وهو من الكناية لما فيها من ترك التصريح بأسمائهم الاعلام وهو من آداب الكرام وأما أبو لهب فعدل عن اسمه عبد العزى كراهة لذكره أو تفاؤلا لمقره أو لاشتهاره به وأبعد من قال لتألفه (ويدعوهم بأحبّ أسمائهم) أي تارة أو المراد من الاسماء ما يعم الاعلام والألقاب والكنى والمعنى أنه لا ينبزهم بما يكرهونه بل يدعوهم بما يحبونه (تكرمة لهم) أي تكريما لهم وتعليما لهم في العمل بأصحابهم والتكرمة بكسر الراء وقول التلمساني بضم الراء وهم (ولا يقطع على أحد حديثه) أي بإدخال كلام في اثنائه قبل تمامه (حتّى يتجوّز) غاية لترك قطعه