خدمته مع صغر سنه لكنها كلها مستفادة من بركة ملازمته ومداومة حضرته؟ (وعن عائشة رضي الله عنها) كما رواه أبو نعيم في دلائل النبوة بسند واه عَنْهَا (مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْسَنُ خُلُقًا مِنْ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) كما قال حسان:
تراه إذا ما جئنه متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله
(ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته) أي من أزواجه وذريته وأقاربه وأحبابه (إلّا قال لبّيك) أي تأدبا معهم وتعليما لهم وإحضارا لنداء ربه على لسان خلقه وقد ورد أدبني ربي فأحسن تأديبي على ما رواه ابن السمعاني عن ابن مسعود؛ (وقال جرير بن عبد الله) البجلي اليمني (ما حجبني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ما منعني عن الدخول عليه (قطّ) أي أبدا (منذ أسلمت) أي تلطفا معه وتعظيما بجنابه أن يرده عن بابه ويكسر خاطره بحجابه (ولا رآني إلّا تبسّم) لأنه كان مظهر الجمال مع كونه سيدا مطاعا عريض الجاه وسيع البال وقد بسط رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رداءه إكراما له. (وكان يمازح أصحابه) كما ذكره الترمذي في باب مزاحه صلى الله تعالى عليه وسلم مع أصحابه من الرجال والنساء والكبار والصغار ولذا كان ابن سيرين مداعبا ويضحك حتى يسيل لعابه وإذا أريد على شيء من دينه كان الثريا أقرب إليه من ذلك (ويخالطهم) أي تواضعا (ويحادثهم) أي يخاطبهم ويكالمهم تأنيسا (ويداعب صبيانهم) أي يلاعبهم ويمازحهم ومنه قوله لجابر هلا بكرا تداعبها وتداعبك ففي القاموس الدعابة بالضم اللعب وداعبه مازحه (ويجلسهم) بضم أوله أي يعقد صبيانهم (في حجره) بفتح الحاء وتكسر أي في حضنه تلطفا بهم وتطييبا لقلوب آبائهم (ويجيب دعوة الحرّ والعبد والأمّة) أي إذا كانا معتقين أو إذا جاآه وطلباه إلى منزل سيدهما (والمسكين) تواضعا لربه وتمسكنا لخلقه مع جلالة قدره ورفعة محله لحسن خلقه (ويعود المرضى في أقصى المدينة) أي ولو كانوا في أبعد منازلها (ويقبل عذر المعتذر) أي ولو كانت اعذاره ليست على تحققها وفي الحديث أنه قبل عذر من تخلف عن غزوة تبوك بحسب ما أبرزوا من أقوال ظواهرهم ووكل إلى الله أحوال سرائرهم، (قال أنس رضي الله تعالى عنه) كما رواه أبو داود والترمذي والبيهقي عنه (مَا الْتَقَمَ أَحَدٌ أُذُنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) بضم الذال وسكونها فيه استعارة وضع اللقمة في الفم لوضع الفم عند الأذن أي ما جعل أحد أذنه محاذية لفمه ليحادثه مخافتة (فينحّي) من التنحية أي فيبعد (رأسه) وهو في حكم المستثنى أي إلا فيستمر ملقما له أذنه غير منحي عنه وجهه (حتّى يكون الرّجل) المانقم (هو) ضمير فصل (الذي ينحّي رأسه) في محل نصب على أنه خبر كان وحتى غاية لقوله فينحي رأسه (وما أخذ أحد بيده) أي مصافحة أو مبايعة (فيرسل) أي فيطلق (يده) من وضع الظاهر موضع المضمر أي إلا فتستمر يده في يد آخذها (حتّى يرسلها الآخر) بفتح الخاء المعجمة فراء نقيض الأول وفي أصل الدلجي بكسر خاء فذال معجمة وحتى غاية لتركها حتى