للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بقوله تعالى: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ [القلم: ١٦] ) أي سنكويه على أنفه إهانة له وخص الأنف لأن السمة عليه أبشع وظهورها اشنع وأشيع وقيل أي نجعل على وجهه يوم القيامة سمة سوداء تكون منبهة عليه ومعرفة به قبل دخوله النار كما قال الله تعالى يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ أو معناه أنه يعذب إذ ذاك بنار تجعل على أنفه فتكون فيه كالسمة وقيل هذا في الدنيا وهي كناية عن ضربة يضرب بها وجهه وأنفه فتبقى فيه كالسمة قالوا وقد حل ذلك يوم بدر على أنف الوليد جراحة ظاهرة وعلامة باهرة وقيل ليس السمة هنا على حقيقتها وإنما هي كناية عن شهرته بما يبقى له مذموما ولا يمكنه إخفاؤه كالموسوم بسمة على أنفه والخرطوم في الأصل إنما هو للسباع كالفيل واستعمل في الآية للإنسان استعارة وإشارة إلى أنه شبيه بالحيوان صورة وسيرة كما قال تعالى أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ أي الكاملون في الغفلة عن الحضرة وقيل إنما عدل عن الأنف إلى الخرطوم لأن الأنف محل العز والأنفة لا كذلك الخرطوم لأنه محل المذلة والإهانة ولذا قيل الأنف في الأنف وقيل الخرطوم الوجه كله وهذا في الإنسان وربما قيل له في الأنف كغيره ومجمل الكلام وزبدة المرام في هذا المقام أي سنجعل له سمة أي علامة على الخرطوم أي على أنفه إما حسا كضرب أنفه بالسيف يوم بدر وبقيت علامة في أنفه حتى يأنف من أنفه أو يكون سوادا في وجهه زائدا عن غيره من الكفار في القيامة لشدة عناده وعتوه وأما معنى كسوء ذكره بالذم والمقت والاشتهار بالشر بحيث لا يخفى ذلك بوجه فيكون ذلك كوسمة على أنفه ويمكن تحقيق الجميع في حفه (فكانت نصرة الله له) أي لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم على عدوه (أتمّ من نصرته) عليه الصلاة والسلام بنفسه (لنفسه) أي فإن من كان لله كان الله له، (وردّه) أي كان رده (تعالى على عدوّه أبلغ من ردّه) صلى الله تعالى عليه وسلم (وأثبت في ديوان مجده) أي في ديوان كرمه وشرفه وهو بكسر الدال وتفتح والجمع دواوين ودياوين وأصله ديوانه بالفارسية وذلك أن كسرى أمر كتابه أن يجتمعوا في دار واحدة ويعملوا حساب السواد في ثلاثة أيام وأعجلهم فيه وأطلع عليهم لينظر ما يصنعون فنظر إليهم فرآهم يحسبون بأسرع ما يمكن وينسخون كذلك فعجب من كثرة حركتهم فقال أين ديوانه أي هؤلاء مجانين وقيل شياطين ثم قيل في كل مخفل ديوان وأول من دون في الإسلام عمر رضي الله تعالى عنه.

الْفَصْلُ السَّادِسُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى في جهته عليه الصلاة والسلام مورد الشفقة والإكرام]

(فِيمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي جِهَتِهِ) أي في حقه (صلى الله تعالى عليه وسلم مورد الشفقة والإكرام) أي مورد الرحمة والكرامة وهو منصوب على المصدرية (قَالَ تَعَالَى: طه (١) مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) [طه: ١- ٢] قِيلَ طه اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ عليه الصلاة والسلام) أي الحديث تقدم لي عند ربي عشرة اسماء وذكر منها طه وهو في حساب العدد

<<  <  ج: ص:  >  >>