تعالى عليه وسلّم) أي منتقما لأجله من أعدائه (فذكر) أي الله سبحانه وتعالى في كلامه بعد ذلك (بضع عشرة) بسكون الشين وتكسر وروي بضعة عشر (خصلة) بفتح الخاء أي خصلة قبيحة وخلة ذميمة والبضع بفتح الموحدة ويكسر ما بين الثلاث إلى التسع وهذا هو المشهور وأراد المصنف إحدى عشرة خصلة وهذا على قول من يقول بدؤه الواحد ومنتهاه العشرة لأنه قطعة من العدد ويجري في التذكير والتأنيث مجرى العدد المركب (من خصال الذّمّ فيه) أي من بعض الخصال المذمومة في عدوه (بقوله تعالى: فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ [القلم: ٨] ) تهييج لتصميمه على معاصاتهم (إلى قوله: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [القلم: ١٥] ) وهو قوله وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ أي لو تلين فتدع نهيهم عن الشرك فيميلون أيضا إليك في بضع ما تدعوهم إليه وذلك أن قريشا قالوا في بعض الأوقات لرسول الله صلى الله عليه وسلّم لو عظمت آلهتنا لعبدنا إلهك وعظمناه فنهاه الله عن ذلك بقوله فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ أي كثير الحلف حقا وباطلا وكفى به زاجرا لمن اعتاد الحلف حيث يخاف عليه من الكذب كما ورد كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع مهين أي ذي مهانة وحقارة وحاصله أنه ضعيف وحقير ووزنه فعيل لا مفعول والميم أصلية لا زائدة هماز عياب في أعراض الناس مشاهدة مغتاب في حقهم غيبة مشاء بنميم نقال للحديث على وجه السعاية للفساد والنمم مصدر كالنميمة وهو نقل القبائح مناع للخير أي كثير المنع منه فقيل المراد بالخير هو المال فعلى هذا هو وصف بالشح وقيل بل هو على عمومه في المال وجميع أفعال الخير والخصال معتد متجاوز في الظلم أثيم كثير الإثم عتل جاف غليظ من عتله أي دفعه بعنف وشدة بعد ذلك أي بعد ما عد من مثالبه ومعايبه زنيم أي دعي كالوليد بن المغيرة ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده قيل إن الله سبحانه وتعالى لا يعيب أحدا بالأنساب ولكن ذكره ليعرف بذلك وما أحسن قول حسان:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
إن كان ذا مال وبنين علة لما بعده وقرأ حمزة وشعبة بهمزتين فالتقدير الآن كان ذا مال كثير وبنين متعددة قيل كانوا عشرة وقيل اثني عشر إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي قال ذلك حين تليت عليه والأساطير جمع اسطورة بضم الهمزة كأحدوثة وأحاديث وقيل الأساطير جمع اسطار والاسطار جمع سطر بفتح الطاء كذا في حاشية المنجاني وفي القاموس السطر الصف من الشيء كالكتاب والشجر وغيره وجمعه اسطر وسطور واسطار وجمع الجمع اساطير والخط والكتابة ويحرك في الكل انتهى وأراد الكافر به الاباطيل المنسوبة إلى المتقدمين وقائله النضر بن الحارث وسببه أنه دخل بلاد فارس وتعلم أخبار رستم وغيره (ثمّ ختم) أي الله سبحانه (ذلك) أي ما ذكره من مثالب ذلك الشقي (بالوعيد الصّادق) وفي نسخة بالوعيد الصدق (بتمام شقائه) أي تعبه أو كمال شقاوته (وخاتمة بواره) أي هلكه ودماره