أنه بلغه (أنّ رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا يَوْمًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ من الرّضاعة) هو الحارث بن عبد العزى واختلف في إسلامه (فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ أقبلت أمّه) أي حليمة (فوضع لها شقّ ثوبه) بكسر الشين أي طرفه (مِنْ جَانِبِهِ الْآخَرِ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ أخوه من الرّضاعة) وهو عبد الله بن الحارث المذكور على ما هو الظاهر فيهم جميعا لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم كانت له مراضع خمس وقيل ثمان (فقام صلى الله تعالى عليه وسلم فأجلسه بين يديه) أي تكريما له وتعظيما لوالديه. (وكان يبعث) أي يرسل من المدينة إلى مكة (إلى ثويبة) بضم مثلثة وفتح واو فسكون تحتية فموحدة (مولاة أبي لهب) بفتح الهاء وتسكن عمه عليه الصلاة والسلام يقال إنها أسلمت (مرضعته) بالجر بيان أو بدل لثويبة (بصلة) أي نفقة (وكسوة) قال التلمساني بضم الصاد وكسرها وكسوة بضم وبكسر وقرىء بهما في السبع انتهى ولا نعرف أحدا من القراء أنه قرأ بضم الكاف وكذا الصاد غير معروف في اللغة (فَلَمَّا مَاتَتْ سَأَلَ: مَنْ بَقِيَ مِنْ قَرَابَتِهَا فقيل لا أحد) أي ما بقي منهم أحد والحديث رواه ابن سعد عن الواقدي عن غير واحد من أهل العلم وفي الروض الأنف كان يصلها من المدينة فلما فتح مكة سأل عنها وعن ابنها مسروح فقيل ماتا. (وفي حديث خديجة رضي الله عنها) كما رواه الشيخان (أنّها قالت له صلى الله تعالى عليه وسلم أبشر) بفتح الهمزة وكسر الشين المعجمة أي استبشروا فرح ولا تحزن (فو الله لا يحزنك الله) بضم الياء وسكون الخاء المعجمة وكسر الزاء أي لا يهينك ولا يذلك ولمسلم أيضا لا يحزنك من الحزن وهو بفتح الياء وضم الزاء وبالنون أو بضم أوله وكسر ثالثه كما في بعض الروايات وبعض النسخ وقد قرئ بهما في السبعة (أبدا) أي دائما سرمدا (إنّك لتصل الرّحم وتحمل الكلّ) بفتح فتشديد أي ثقيل الحمل العاجز عن تحمل مؤنة عياله (وتكسب المعدوم) أي تصل كل معدوم من فقير محروم وفي رواية بضم أوله أي تعطي الناس الشيء المعدوم (وتقري الضّيف) بفتح أوله وكسر الراء أي تطعمهم (وتعين) أي الخلق (على نوائب الحقّ) بالإضافة البيانية إشعارا بأنها تكون في الحق والباطل قال لبيد.
نوائب من خير وشر كلاهما ... فلا الخير ممدود ولا الشر لازب
وقال التلمساني المراد بالحق هو الله سبحانه وتعالى لأنه الخالق لها قال العلماء ومعنى كلام خديجة رضي الله تعالى عنها أنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق ومحاسن الشمائل وفي هذا دلالة على أن خصال الخير سبب السلامة من مصارع السوء.
فصل [وأما تواضعه صلى الله تعالى عليه وسلم]
(وأمّا تواضعه صلى الله تعالى عليه وسلم) وهو هضم نفسه من الملكات المورثة للمحبة الربانية والمودة الإنسانية (على علوّ منصبه) بكسر الصاد أي مع سمو منزلته (ورفعة وثبته) أي مرتبته من تمام نبوته ونظام رسالته وفي نسخة رتبه جمع رتبة وأغرب الدلجي في