للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

(في تعظيم أمره ووجوب توقيره وبرّه) أي في تعظيم أمره بقبوله وامتثاله والتوقير التعظيم ومحله في ظاهره وباطنه وجميع أحواله والبر هو الإحسان أي ووجوب الإحسان إلى ما يتعلق به عليه الصلاة والسلام من أهل بيته وعلماء أمته (قال الله تعالى) أي تعظم شأنه وظهر سلطانه وبرهانه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) أحوال مقدرة وأوصاف مقررة أي شاهدا على من أرسلناك إليهم فأنت مقبول عندنا لهم وعليهم ومبشرا لمن آمن منهم بالجنة والقربة ومخوفا لمن كفر بالحرقة والفرقة (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ الآية) [الفتح: ٨- ٩] أي بكمالها بالخطاب على الالتفات وفي قراءة بالغيبة أي تصدقوا وتقووا دينه وتعظموا أمره والظاهر ان الضمائر لله لقوله سبحانه وتعالى وَتُسَبِّحُوهُ ومن فرق فقد أبعد* ثم اعلم أن قوله قال الله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ إلى قوله تعالى وَتُوَقِّرُوهُ هكذا وقع في أكثر الأصول وهذه الآية في سورة الفتح وليس فيها يا أيها النبي وإنما هو إِنَّا أَرْسَلْناكَ كما هو في بعض النسخ نعم في سورة الأحزاب وقعت الآية مصدرة بقوله سبحانه وتعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ إلا أنه ليس فيها لتؤمنوا بالله والحاصل أنه وقع تركيب بينهما بالانتقال في تصورهما (وقال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا) أي أمرا أو معناه لا تتقدموا ويؤيده قراءة يعقوب لا تقدموا بحذف إحدى تاءيه وفتح الأخرى (قوله بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات: ١] أي قدامهما بمعنى قبل اذنهما وآخر الآية وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (ويا أَيُّهَا) أي وبعدها يا أيها (الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) [الحجرات: ٢] أي لا تجاوزوا بأصواتكم حدا يبلغ صوته فضلا عن أن يعلوه بل عليكم أن تغضوها حتى يكون صوته فوق أصواتكم لتكون مزيته عليكم لائحة ومنزلته عندكم واضحة بأن يخفض الصوت بين يديه ويخافت المتكلم إليه تعظيما وتكريما لديه (الثّلاث الآيات) أي اقرأ الآيات الثلاث وأكملها لأن البقية لها دخل في تحقيق القضية وهي قوله سبحانه وتعالى وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ أي إذا كلمتموه كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم أي مخافة حبوطها وأنتم لا تشعرون أي بحبوطها وبطلانها إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ أي يخفضونها عند رسول الله مراعاة للأدب والإجلال أو مخافة مخالفة النهي في الأقوال أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى أي جربها للتقوى ودربها لمشقتها ومرنها لكلفتها والمعنى علم سرها وعلانيتها

<<  <  ج: ص:  >  >>