لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ غَفَرَ لي) أي ذنوبي (فقيل له بماذا) أي بأي سبب غفر لك (فقال صعدت) بكسر عينه أي طلعت (ذروة الجبل) بكسر المعجمة وضمها ويحكى فتحها أي أعلاه (يوما) أي من الأيام (فأشرفت على جنودي) أي اطلعت عليهم (فَأَعْجَبَتْنِي كَثْرَتُهُمْ فَتَمَنَّيْتُ أَنِّي حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي في بعض غزواته أو سراياه (فأعنته ونصرته) أي على عداه (فشكر الله لي ذلك) أي جازاني بمثوبته وأثنى علي وذكرني عند ملائكته (وغفر لي) أي وسامحني فيما وقع مني وصدر عني لخلوص نيتي وصدق طويتي انتهى كلام القشيري (أمّا النّصح لأئمة المسلمين) أي من العلماء العاملين والأمراء الكاملين (فطاعتهم في الحقّ) أي ثابتة على الخلق واجبة إلّا أنه عليه الصلاة والسلام قال لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق رواه أحمد والحاكم عن عمران رضي الله تعالى عنه وروى الشيخان وغيرهما عن علي كرم الله وجهه ولفظه لا طاعة لأحد في معصية الله إنما الطاعة في المعروف وقد خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إذ ولي الخلافة فقال اطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم وهذا المعنى مستفاد من قوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (ومعونتهم) أي ومعاونتهم قولا وفعلا في مؤنتهم (فيه) أي في أمر الحق وفعل العدل (وأمرهم) أي إياهم (به) أي بالحق إذا عدلوا عن العدل لكن بطريق اللطف والرفق كما هو شأن أهل الفضل وقد قال تعالى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً وقال عز وجل ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (وتذكيرهم إيّاه) أي إذا نسوه (على أحسن وجه) أي الطف طريق (وتنبيههم على ما غفلوا عنه) بأن خفى عليهم شيء من الأحكام (وكتم عنهم) بصيغة المفعول أي ستر عنهم أمر (من أمور المسلمين وترك الخروج عليهم) أي بالبغي ولو جاروا (وتضريب النّاس) بالضاد المعجمة أي وترك إغراء العامة وتخريشهم (وإفساد قلوبهم عليهم) أي على الأئمة (والنّصح) كان الأولى أن يقال وأما النصح (لعامّة المسلمين) أي لعوامهم فهو (إرشادهم) أي دلالتهم وهدايتهم (إلى مصالحهم) أي الأخروية (ومعونتهم) أي مساعدتهم ومعاضدتهم (في أمر دينهم ودنياهم بالقول والفعل) أي مما ينفعهم معاشا ومعادا (وتنبيه غافلهم) أي بتذكير ما غفل عنه (وتبصير جاهلهم) أي بتعريف ما جهله (ورفد محتاجهم) أي معاونة فقرائهم في حال بلائهم وعنائهم (وستر عوراتهم) أي باللباس أو ستر عيوبهم عن الناس (ودفع المضارّ عنهم وجلب المنافع) أي إيصالها (إليهم) وهو بفتح الجيم وسكون اللام مصدر وأما الجلب محركة فما جلب من خيل وغيرها على ما في القاموس فقول الحلبي هنا هو بسكون اللام وفتحها ليس في محله ثم هذا كله مستفاد من قوله عز وجل وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ومن حديثه عليه الصلاة والسلام إن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم وإن الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله.