للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجهول والمعلوم أي انقلب (طاعة وصار قربة) لأن استعمال المباحات وأفعال العادات إذا اقترنت بتزيين النيات وتحسين الطويات طاعات انقلبت وعبادات كما قد تنقلب بفساد النيات مكروهات بل محرمات وهذا معنى قول سيد السادات ومنبع السعادات إنما الأعمال بالنيات (كما بيّنا منه) أي من بعض تحقيق هذا الكلام وتدقيق هذا المرام (أوّل الكتاب) أي في أوله (طرفا) أي نبذا طرفا (في خصال نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم؛ فبان لك) أي تبين (عظيم فضل الله على نبيّنا) أي خصوصا كما قال تعالى وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

(وعلى سائر أنبيائه) يروى الأنبياء (عليهم الصلاة والسّلام) كما قال تَعَالَى وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ (بأن جعل أفعالهم قربات وطاعات) أي عبادات وإن كانت في صورة عادات فإن عادات السادات سادات العادات (بعيدة عن وجه المخالفة ورسم المعصية) بخلاف المحرومين من هذه المرتبة فإن عباداتهم رسوم وعادات وطاعاتهم عين المخالفة في الحالات كما قال بعض أرباب الحال من لم يكن للوصال أهلا فكل طاعاته ذنوب.

فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

(وقد اختلف في عصمتهم) أي الأنبياء (من المعاصي) أي جملة المناهي (قبل النّبوّة) وإظهار الرسالة (فمنعها قوم) بناء على عموم العصمة الشاملة للأحوال المتقدمة والمتأخرة (وجوّزها آخرون) حيث خصوا العصمة بحال النبوة (وَالصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَنْزِيهُهُمْ مَنْ كُلِّ عيب) أي سابق ولا حق (وعصمتهم من كلّ ما يوجب الرّيب) أي شبهة مخالفة علام الغيب (فكيف) لا يكون الأمر كذلك والعجب من ذكر الخلاف هنالك (والمسألة) أي والحال أنها مع ثبوت المخالفة (تصوّرها كالممتنع) أي المستحيل في الذهن حصولها (فإنّ المعاصي) كالكبائر (والنّواهي) كالصغائر (إنّما تكون) أي في حيز المنع (بعد تقرّر الشّرع) أي ثبوته من الأصل والفرع (وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حَالِ نَبِيِّنَا صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ هَلْ كان متّبعا للشّرع) وفي نسخة لِشَرْعٍ (قَبْلَهُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ جَمَاعَةٌ لَمْ يكن متّبعا لشيء) أي من التكاليف أو لشرع كما في نسخة (وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ فَالْمَعَاصِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) ويروى هذا الوجه (غَيْرُ مَوْجُودَةٍ وَلَا مُعْتَبَرَةٍ فِي حَقِّهِ حِينَئِذٍ إذ الأحكام الشّرعيّة) من الوجوب والمندوب والحرام والمكروه (إنّما تتعلّق بالأوامر والنّواهي وتقرّر الشّريعة) أي بأصولها وفروعها كما هي وهذا بالنسبة إلى نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم ظاهر لكن يشكل بالنسبة إلى أولاد إبراهيم عليه السلام مثلا كإسماعيل وإسحاق وأولاد يعقوب على القول بنبوتهم فإنه لا شك أنهم كانوا متبعين شريعة أبيهم أو جدهم وكذا بالنسبة إلى سليمان عليه السلام فإنه كان على دين أبيه داود بل وكذا داود وسائر أنبياء بني إسرائيل حيث كانوا على شريعة إبراهيم عليه السلام وإنما نسخ في التوراة والإنجيل بعض الأمور وأيضا بنو إسماعيل وهم العرب كانوا يتدينون بدين إبراهيم عليه السلام ويفتخرون به وإنما حدث كفرهم عبادتهم الأصنام وإحداث بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>