(اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم فرض) أي واجب مقطوع به (في الجملة) وفي نسخة على الجملة أي إجمالا (غير محدّد) وفي نسخة غير محدود أي غير موقت ومقدر (بوقت) أي بزمان معين (لأمر الله تعالى بالصّلاة عليه) والأصل في الأمر الوجوب كما عليه الجمهور (وحمل الأئمة) يحتمل أن يكون مصدرا أو ماضيا كما في نسختين صحيحتين والمراد الأئمة المجتهدين (والعلماء) أي من المفسرين والمحدثين (له) أي لأمر الله (على الوجوب) بمعنى الفرض (وأجمعوا عليه) أي على الوجوب والمراد بإجماعهم اتفاق أكثرهم لقوله (وحكى أبو جعفر) أي محمد بن جرير الشافعي (الطّبريّ أنّ محمل الآية) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية أي الآية محمولة باعتبار أمرها (عنده على النّدب وادّعى فيه الإجماع) أي على الندب (ولعله) أي الإجماع المذكور (فيما زاد على مرّة) أي لئلا يخالف الإجماع المذكور (والواجب منه) مبتدأ وهو اسم فاعل مشتق فلامه اسم موصول صلته (الّذي يسقط به الجرح) بفتح الجيم وسكون الراء أي الطعن والقدح (ومأثم ترك الفرض) أي ويسقط به الإثم المترتب على تركه (مرّة) خبر المبتدأ المقدم لأنها أقل ما توجد فيها الماهية المطلوبة فيحمل عليها (كالشّهادة له بالنّبوّة) أي المقرونة بالرسالة لوجوبها مرة اجماعا (وما عدا ذلك) أي وأما ما زاد على مرة فيها (فمندوب) أي مستحب ومطلوب (مرغّب فيه) أي مرغوب (من سنن الإسلام وشعار أهله) أي علامتهم في احكام الأحكام (قال القاضي أبو الحسن بن القصّار) من المالكية (المشهور عن أصحابنا) أي علمائنا (أنّ ذلك) أي ما ذكر من أن الصلاة (واجب في الجملة) أي فرض غير موقت بوقت معين (على الإنسان وفرض عليه) أي على كل فرد من أفراد الإنسان من المؤمنين (أن يأتي به) أي بهذا الفرض وفي نسخة بها أي بالصلاة (مرّة من دهره) إذ به يخرج من عهدة أمره (مع القدرة على ذلك) أي على الإتيان بها إذ هي شرط له ولهذا تسقط عن الأبكم (وقال القاضي أبو بكر بن بكير) بضم موحدة وفتح كاف أحد المالكية (افترض الله على خلقه) أي المؤمنين (أن يصلّوا على نبيّه) أي تعظيما وتكريما (ويسلّموا تسليما ولم يجعل ذلك) أي الافتراض (لوقت معلوم) أي في وقت معين وزمان مبين (فالواجب) أي مروءة أو احتياطا أو المراد به الواجوب الذي دون الفرض (أن يكثر المرء منها) أي من الصلاة (ولا يغفل) بضم الفاء أي لا يذهل (عنها) والمعنى أنه تعالى لم يوقت ذلك ليشمل سائر الأوقات هنالك كما قيل في الذكر أنه سبحانه وتعلى قال اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا فجعل لكل عبادة وقتا معينا إلا ذكره عز وجل فإنه لم يجعل له زمانا مبينا سواء يكون ذكرا لسانيا أو جنانيا وكذلك الصلاة عليه غير موقتة حيث قرن ذكره بذكره البتة (قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ نَصْرٍ:
الصَّلَاةُ على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم واجبة في الجملة) هذا قول مجمل وفي بيان تفصيله (قال القاضي أبو عبد الله مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ من أهل العلم)