لشناعة بشين وعين أي لقبحه وإن كان يمكن صرفه عن ظاهره بأنهم متهمون ببعض المعاصي (وكان القاضي أبو محمد بن منصور) اللخمي ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة (يتوقّف عن القتل) أي احتياطا (لاحتمال اللّفظ عنده) أي احتمالا بعيدا (أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَمَّنِ اتَّهَمَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) أي بالكذب في الأخبار (وأفتى فيها) أي في المسألة هذه (قاضي قرطبة) بضم القاف والطاء المهملة (أبو عبد الله بن الحاج) أي التجيبي قتل بجامع قرطبة يوم الجمعة ظلما وهو ساجد وقتله رجل معتوه وقتلته العامة في الموضع الذي قتله فيه وقد ضرب رحمه الله تعالى بسكين في خاصرته وقيل قتل يوم الجمعة سادس عشر شهر رمضان سنة تسع وعشرين وخمسمائة ودفن بعد صلاة العصر قال الدلجي هو غير ابن الحاج صاحب المدخل (بنحو من هذا) أي توقف ابن منصور وفي نسخة بنحو هذا (وشدّد القاضي أبو محمد) أي ابن منصور (تصفيده) أي توثيقه وتقييده (وأطال سجنه ثمّ استحلفه بعد) أي حلفه بعد أن فعل به ذلك (على تكذيب ما شهد به عليه) من الحق (إِنْ دَخَلَ فِي شَهَادَةِ بَعْضِ مِنْ شَهِدَ عليه وهن) أي نوع طعن يوجب ضعف اعتماد وقلة اعتقاد (ثمّ أطلقه) أي من التقليد وتركه وفيه أن هذه التحليف ليس له دخل في أصل المقصود من المسألة في تهمة بعض الشهود وإنما الكلام في نسبة التهمة إلى أرباب النبوة اللهم إلا أن يقال إنه كان منكرا لهذه المقالة وثبت عليه بالبينة في تلك الحالة إلا أن بعض الشهود لم يكونوا مزكين (وشاهدت شيخنا القاضي أبا عبد الله) اسمه محمد (ابن عيسى) أي ابن حسين التيمي ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائه وقد تفقه المنصف به (أَيَّامَ قَضَائِهِ أُتِيَ بِرَجُلٍ هَاتَرَ رَجُلًا اسْمُهُ محمّد) أي قال له سفها من القول يقال هتر العرض أي مزقه وقال ابن الأثير ومن قبله الهروي في الغربيين واللفظ للثاني المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان أي يتقاولان ويتفالجان في القول (ثمّ قصد إلى كلب) هنالك زيادة على ذلك (فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ لَهُ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ وَشَهِدَ عليه لفيف) أي جمع كثير (من النّاس) أي من قبائل شتى ومنه قوله تعالى جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً أي مجتمعين مختلطين (فأمر به إلى السّجن) بكسر السين أي إلى إدخاله فيه وفي نسخة بفتحها أي إلى حبسه (وتقصّى) بقاف وصاد مهملة مشددة أي استقصى وبالغ في التفحص والبحث (عن حاله) ليظهر منه حقيقة مقاله (وهل يصحب من يستراب بدينه) أي يشك في إسلامه من ذمي ونحوه (فلمّا لم يجد) أي ابن عيسى (عليه ما يقوّي الرّيبة) أي التهمة والشبهة (باعتقاده ضربه بالسّوط) وفي نسخة بالسياط تعزيرا له حيث خاطب الكلب بالاسم الشريف ولم يظهر منه ما يدل على أنه أراد الإهانة بالنبي المنيف (وأطلقه) ولم يقتله.
فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]
(الوجه الخامس أن لا يقصد) أي في مجمل قوله (نقصا) لنبيه (ولا يذكر عيبا) في أمره (ولا سبّا) أي شتما أو ذما في حقه (لكنّه) في محتمل كلامه (ينزع) أي يميل وينجذب (بذكر