بعض أوصافه) عليه الصلاة والسلام إلى ما يصرفه عن أن يفهم منه نقص أو ذم في اثناء الكلام (أو يستشهد) في بعض ما قاله (ببعض أحواله عليه الصلاة والسلام الجائزة عليه في الدّنيا) مما سبق بيانه وتقدم برهانه (على طريق ضرب المثل) متعلق بيستشهد (وَالْحُجَّةِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ عَلَى التَّشَبُّهِ به) أي قوله عليه الصلاة والسلام أو فعله (أو عند هضيمة) أي نقيصة عظيمة (نالته) أي أصابته (أو غضاضة) بالغين والضاد المعجمتين أي مذلة وحقارة (لحقته) حصلت له عليه الصلاة والسلام (ليس على طريق التّأسّي) أي الاقتداء به (وطريق التّحقيق) أي الاهتداء به (بل على مقصد التّرفيع) بالفاء أي على جهة اعلائه (لنفسه) في ابتلائه (أو لغيره) من نحو آبائه أو ابنائه (أو على سبيل التّمثيل) أي التشبيه لنفسه أو لغيره به عليه الصلاة والسلام (وعدم التّوقير) أي التبجيل والتعظيم في تمثيله (لنبيّه عليه الصلاة والسلام أو قصد الهزل) بصيغة الماضي أو المصدر المضاف (والتّنذير) مصدر ندر بدال مهملة مشددة ومعناه الإسقاط أي أو قصد الساقط من القول أو الفعل (بقوله) ويجوز أن يكون من مادة الندور وهو الشذوذ فالمراد الإتيان بنادر من قول أو فعل بشيء غريب والحاصل أنه خلاف التشهير مما يقتضي التعظيم والتوقير وقع في أصل الدلجي بالموحدة والذال المعجمة والظاهر أنه تصحيف في المبنى وتحريف في المعنى حيث قال أي الإعلام بقوله وقال التلمساني وعند الشارح التنديد بالدال أي في آخره قال وهو كالغيبة يقال ندد بفلان إذا قال فيه كلمة سوء قال الجوهري يقال ندد به أي شهره وسمع به ومعناهما متقاربان انتهى ولا يخفى أنه تصحيف أيضا لأن هذا وقع سجعا في مقابلة قوله التوقير فيتعين أن يكون براء في آخره والله تعالى أعلم بباطنه وظاهره (كقول القائل إن قيل فيّ) بتشديد الياء أي أن ذكر في حقي (السّوء) بفتح السين وضمها كما قرئ بهما في السبعة قوله تعالى عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وروي هنا بال وبدونها (فقد قيل في النبيّ) أي السوء بمثل ما يسوءه ويحزنه (أو إن كذّبت) بتشديد الذال مجهولا (فقد كذّب الأنبياء) وهذا وما قبله له محل حسن إذ ظاهره أنه أراد به التسلية بهم في مقام الاقتداء ومرام الاهتداء بالصبر على أقوال الأعداء ورميهم للناس بالأشياء من الأسواء وأما قوله (أو إن أذنبت فقد أذنبوا) ففيه خطر عظيم لعصمة الأنبياء لاسيما وقد غفر لهم ما كان في صورة المعصية وظهر منهم الأوبة في مقام التوبة فلا يذكر الذنب المعفو بلا شبهة في مقابلة الذي هو حقيقة المعصية وإن تاب صاحبه عنه فهو تحت المشيئة لعدم صحة شرائط التوبة فلا يقاس الصعلوك بالملوك (أو أنا) أي وأنا (أسلم من ألسنة النّاس) أي من أن ينسبوا إلى ما لم أفعله (ولم يسلم منهم أنبياء الله ورسله) كما قال قائل:
ولا أحد من ألسن الناس سالم ... ولو أنه ذاك النبي المطهر
(أَوْ قَدْ صَبَرْتُ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ) وهذا خطأ فاحش عند أولي الحزم بل يوهم أنه فضل نفسه على بعض الأنبياء الذين قيل في حقهم أنهم ليسوا من أولي العزم كآدم عليه