الصلاة والسلام لقوله تعالى فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وكيونس عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ (أو كصبر أيّوب) وهذا كذب ومجازفة في القول (أَوْ قَدْ صَبَرَ نَبِيُّ اللَّهِ عَنْ عِدَاهُ) بكسر العين اسم جمع لعدو أي عن أعدائه ويروى على عداه (وحلم) بضم اللام أي تحمل (على أكثر ممّا صبرت) أي تحملت عليه (وكقول المتنبّي) وهو أبو الطيب الجعفي الكوفي الشاعر الأديب المجيد الأريب صاحب الديوان المعروف وله من بدائع الشعر وحكمه أشياء عجيبة مشتملة على آداب وغيرها من أمور غريبة ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة ونشأ بالشام والبادية وقال الشعر في صغره واعتنى الفضلاء بشرح ديوان شعره قال السماني في أنسابه إنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه كثيرة من بني كلب وغيرهم فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص بالأخشيدية فأسره وفرق اصحابه وسجنه طويلا ثم أشهد عليه أنه تاب وكذب نفسه فيما ادعاه فأطلقه ثم طلب الشعر وقاله فأجاد وفاق أهل عصره في حسن شعره واتصل بسيف الدولة بن حمدان فأكثر مدحه ثم سار إلى عضد الدولة بفارس ومدحه وعاد إلى بغداد فقتل في طريقه بالقرب من النعمانية في شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وقيل إنما قيل له المتنبي لأنه قال:
(أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهُ ... غَرِيبٌ كَصَالِحٍ في ثمود)
وفيه أنه لا يلزم من هذا التشبيه دعوة النبوة والرسالة في مقام التنبيه وجملة تداركها الله دعائية معترضة وقبله:
ما مقامي بأرض نحلة إلا ... كمقام المسيح بين اليهود
(ونحوه) بالرفع أي ومثل شعره ويجوز جره أي وكقول نحوه (من أشعار المتعجرفين) أي المتجازفين المفرطين في المدح بحيث لم يبالوا في كلامهم ولم يهموا في أديانهم وعقائدهم (فِي الْقَوْلِ الْمُتَسَاهِلِينَ فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِ الْمَعَرِّيِّ) بفتح الميم والعين المهملة وتشديد الراء وهو أبو العلاء اللغوي الشاعر المشهور كان متضلعا من فنون الأدب وله من النظم لزوم ما لا يلزم في خمس مجلدات وذكر أن له كتابا سماه الإيك والغصون يقارب مائة جزء في الأدب أيضا ومكث مدة خمس وأربعين سنة لا يأكل اللحم تدينا لأنه كان يرى رأي الحكماء توفى ليلة الجمعة ثالث شهر الربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة بالمعرة وكان مرضه في ثلاثة أيام وقبره في ساحة من دور أهله ذكره ابن خلكان وذكره الذهبي في الميزان فقال روى جزءا عن يحيى بن مسعر عن أبي عروبة الحراني وله شعر يدل على الزندقة سقت أخباره في تاريخي الكبير انتهى وفي حاشية التلمساني قال القراوي في كتاب اقتراح السميري في شرح مقامات الحريري يزعمون أنه منتحل لمذهب البراهمة مدمن على اعتقاده وفي أشعاره وأسماعه ما يدخل القلب منه ريبا منها قوله (كنت) بالخطاب (موسى وافته) أي من الموافاة أي أتته (بنت شعيب) واختلف في اسمها (غير أن ليس فيكما من فقير) فإنه شبه فيه