الله تعالى عليه وسلم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا وقد ثبت طلحة يوم أحد وبذل جهده في القتال حتى شلت يده إذ وقى بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وذكر أنه أصيب في جسده بضعا وثمانين من بين طعن وضرب (وكانوا يهابونه ويوقّرونه) أي يعظمونه ولهذا ما كانوا بأنفسهم يسألونه وكان عليه الصلاة والسلام يتحمل من الأعراب ما لا يتحمل من الأصحاب (فسأله) أي الأعرابي (فأعرض عنه) أي عن جوابه ولم يلتفت إلى ما يتعلق ببابه (إذ طلع طلحة رضي الله تعالى عنه) أي الراوي (فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: هذا ممّن قضى نحبه) فكأنه الزم نفسه أن يصدق الله تعالى في قتل أعدائه في الحرب وقد وفى بعهده يوم أحد وقيل المراد بالنحب هو الموت فكأنه التزم أن يقاتل حتى يموت ففي الحديث إيماء إلى أنه سيموت شهيدا وفي الحلية أنه عليه الصلاة والسلام تلا على المنبر فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ فسأله رجل من هم فأقبل على طلحة بن عبيد الله وقال هذا منهم وفي تفسير ابن أبي حاتم أن عمارا منهم وهذا يحتمل التأويلين المتقدمين وفي تفسير يحيى بن سلام المغربي هم حمزة وأصحابه والظاهر أن المراد بهم شهداء أحد ولا يبعد أن يقال المراد بهم الشهداء والثابتون في مقابلة الأعداء واختار ابن الملقن المعنى الأول حيث قال والذي يظهر لي أنهم المقتولون معه صلى الله تعالى عليه وسلم انتهى وما قلناه هو الأتم والأعم والله تعالى أعلم وقد قتل طلحة رضي الله تعالى عنه في وقعة الجمل سنة ست وثلاثين ودفن بالبصرة قال الحلبي وفي الصحابة أربعة عشر غيره ممن يقال له طلحة (وفي حديث قيلة) بقاف مفتوحة فتحتية ساكنة بنت مخرمة العنبرية على ما رواه أبو داود في الأدب والترمذي في الشمائل (فلمّا رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالسا القرفصاء) بضم القاف والفاء أي جلسة المحتبي بيديه (أرعدت) أي اضطربت (من الفرق) بفتحتين أي الخوف والفزع (وَذَلِكَ هَيْبَةً لَهُ وَتَعْظِيمًا؛ وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ) الذي رواه الحاكم في علوم الحديث والبيهقي في المدخل (كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقرعون) أي يضربون (بابه بالأظفار) وفي نسخة بالأظافير أي ضربا خفيفا ودقا لطيفا تعظيما وتكريما وتشريفا وفي حديث عمر رضي الله تعالى عنه أنه أخذ قدح سويق فشربه حتى قرع القدح جبينه أي ضربه والمعنى شربه جميعه (وقال البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه كما روى أبو يعلى لَقَدْ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم عن الأمر فأؤخّر) وفي نسخة فأؤخره أي فأؤخر سؤاله (سنين) بصيغة التثنية وفي نسخة سنين بصيغة الجمع (من هيبته) أي من كمال هيبته وجلال عظمته صلى الله تعالى عليه وسلم.
فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]
(واعلم أن حرمة النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه) بنصبهما أي بعد وفاته (لازم) أي على كل مسلم (كما كان) أي ما ذكر واجبا (حال حياته) أي لأنه