للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آية كيت وكيت بل هو نسي بضم النون وتشديد المهملة (وقد قال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نسيت) وفي رواية أنسيت (فذكّروني) رواه أبو حنيفة رحمه الله في مسنده (وقال) أي في رواية أخرى (لقد أذكرني) أي فلان (كذا وكذا آية كنت أنسيتها) كذا في النسخ والمناسب للسؤال الوارد نسيتها ليرد الإشكال بين النهي عن نسبة النسيان إلى نفسه وبين إتيانه في لفظة فإنه تعارض بحسب ظاهره (فَاعْلَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ فِي هذه الألفاظ) أي عند المحققين من الحفاظ لما سبق من التنبيه على شيء من التوجيه وهو نسبة الفعل إلى الله تعالى حقيقة وإلى العبد مجازا فالأولى صرف القلب إلى فعل الرب وأيضا فعل النسيان من حيث إنه ظاهر في التقصير والنقصان مذموم بخلاف ما إذا أراد الله أمضاه وقدر عليه بأن أنساه إياه ولا يبعد أن يكون قوله انسيت بالنسبة إليه صلى الله تعالى عليه وسلم معناه أنسانيه الله لقوله تعالى فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وأما بالنسبة إلى غيره عليه الصلاة والسلام فمعناه أنسانيه الشيطان كما قال يوشع وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ وكما قال عز وجل فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ونتيجة الفرق أن ما يكون مذموما ينسب إلى الشيطان وما يكون محمودا ينسب إلى الرحمن ومجمله أن كل نسيان صدر عن تقصير وتوان فيكون بسبب إغواء الشيطان وكل ما يكون يعارض مرض أو كبر ونحوهما فهو بسبب اختيار الرحمن وأيضا من معاني النسيان الترك فلا ينبغي لمؤمن أن يقول تركت آية حيث يتوهم منه أن يكون قصدا ولا يراعي رعاية ومن جملة الأجوبة قوله؛ (أَمَّا نَهْيُهُ عَنْ أَنْ يُقَالَ نَسِيتُ آيَةَ كذا فمحمول على ما نسخ نقله) الظاهر كونه وفي نسخة حِفْظُهُ (مِنَ الْقُرْآنِ أَيْ إِنَّ الْغَفْلَةَ فِي هَذَا لَمْ تَكُنْ مِنْهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اضطرّه إليها) أي إلى نسيانها (ليمحو ما يشاء ويثبت) بالتشديد والتخفيف وهذا أحد معاني قوله تعالى فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أي أراد نسخة كما قضاه وأمضاه لكن هذا إنما يكون جوابا عن قوله عليه الصلاة والسلام إني لا أنسى فلا يصلح أن يكون تأويلا لنهيه عليه الصلاة والسلام للأمة أن يقال نسيت آية كذا فلا رابطة بين السؤال والجواب والله اعلم بالصواب (وَمَا كَانَ مِنْ سَهْوٍ أَوْ غَفْلَةٍ مِنْ قبله) أي من جانب العبد (تذكّرها) وكذا إذا لم يتذكرها (صلح) بضم اللام وفتحها أي صح (أن يقال فيه أنسى) بفتح الهمزة لا بضمها كما توهم الدلجي فبهذا الاعتبار ورد عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أني أنسى كما تنسون فلا تعارض أصلا وقطعا (وقد قيل) وفي الجواب عن إيراد السؤال المتضمن للإشكال وهو التعارض الظاهر في المقال (إنّ هذا) أي نسبة الإنساء إلى الله تعالى (منه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ أَنْ يُضِيفَ الفعل إلى خالقه) وهو الله تعالى إذ لا خالق له سواه (والآخر) وهو نسبة النسيان إلى نفسه (على طريق الجواز لاكتساب العبد فيه) أي بنوع تسبب وتقصير منه (وإسقاطه عليه الصلاة والسلام) مبتدأ (لما أسقط من هذه الآيات) حق العبارة لبعض الآيات وهي التي أذكره إياها بعض الأمة (جائز عليه) وليس من باب التقصير والسهو في التبليغ (بعد بلاغ ما أمر ببلاغه) أولا (وتوصيله إلى عباده) كاملا (ثمّ يستذكرها) يروى يستدركها (من أمّته) ثانيا (أو من قبل نفسه) استحضارا (إلّا ما قضى

<<  <  ج: ص:  >  >>