مع نفسه (ثمّ يصلّي ولا يتوضّأ) لعدم نقض وضوئه مع يقظة قلبه أو بناء على حراسة ربه أو لاختصاصه به (وحديث ابن عبّاس) في الصحيحين (المذكور فيه) أي في حديثه (وضوءه) أي وضوء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (عند قيامه من النّوم) مبتدأ خبره (فيه نومه مع أهله) أي ميمونة بنت الحارث خالة ابن عباس (فلا يمكن الاحتجاج به على وضوئه) أي على كون وضوئه (بمجرّد النّوم) مع أهله (إذ لعلّ ذلك) أي وضوءه هنالك (لملامسة الأهل) أي مساسه ويروى لملامسة أهله (أو لحدث آخر) أي وهذا أظهر إذ لم يثبت أنه عليه الصلاة والسلام توضأ من لمس امرأة قط فتدبر أو للتجديد المفيد للتنشيط (فكيف) لا يكون وضوؤه بواحد مما ذكر (وفي آخر الحديث نفسه) أي المروي عن ابن عباس بعينه (ثمّ نام) أي ثانيا (حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى ولم يتوضّأ) أي اكتفاء بالوضوء الذي تقدم (وَقِيلَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يوحى إليه في النّوم) كغيره من الأنبياء فإنهم يوحى إليهم فيه قال تعالى إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ومن هنا أخطأ محيي الدين بن عربي حيث تأول على سيدنا إبراهيم الخليل وقال إنه أخطأ في التعبير والتأويل وإنه كان تأويل منامه أنه يذبح كبشا فحمل المنام على ظاهره وقصد ذبح ابنه كما بسطت هذا في محله (وليس في قصّة الوادي إلّا نوم عينيه عن رؤية الشّمس) أي وأثر طلوعها من الفجر في افق السماء (وليس هذا من فعل القلب) إذ قد يكون الشخص مستيقظا ولم يكن مطالعا لمطلع الشمس لا سيما إذا كان مغمضا عينيه خصوصا في بقاء القمر إلى آخر الليل وبعده وهذا إنما هو على الفرض والتقدير وإلا فقد صح أنه عليه الصلاة والسلام كان حينئذ في استغراق المنام (وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم إنّ الله قبض أرواحنا) أي المدركة للأمور الظاهرة (وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هذا) وهو قبل هذا الوقت لإدراك الوقت ولكن أراد أن نعرف حكم فوت الوقت والحديث مقتبس من قوله تعالى اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (فَإِنْ قِيلَ فَلَوْلَا عَادَتُهُ مِنَ اسْتِغْرَاقِ النَّوْمِ لما قال لبلال اكلأ) بكسر همزة وصل في أوله وهمزة ساكنة في آخره أي احفظ (لَنَا الصُّبْحَ؛ فَقِيلَ فِي الْجَوَابِ إِنَّهُ كَانَ من شأنه صلى الله تعالى عليه وسلم التّغليس بالصّبح) لعله في الأسفار (ومراعاة أوّل الفجر) أي المختار وهو الاسفار وفي نسخة لمراعاة أول الفجر (فلا تصحّ ممّن نامت عينه) وكذا ممن استغرق في شهود ربه وعدم التفاته لغيره (إذ هو) أي الصبح (ظاهر) من الأمور (يدرك بالجوارح الظّاهرة) بل بالجارحة الباصرة وكأنه جمع لجميع العيون الحاضرة (فوكّل بلالا بمراعاة أوّله) حقيقة أو حكما (لِيُعْلِمَهُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ شُغِلَ بِشُغْلٍ غَيْرِ النّوم) من أي عمل كان (عن مراعاته) أي محافظة أوقاته وقد اغرب التلمساني في عبارته والمعنى عليه الصلاة والسلام كان يؤخر الصلاة إلى وقت التغليس في الصبح. (فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم عن القول نسيت) أي في حديث لا يقولن أحدكم نسيت