للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه) بضم الدال أي يقع نادرا (غير ذلك) من غفلة قلبه حالة نوم عينيه (كما يندر من غيره خلاف عادته) والحاصل أنه عليه الصلاة والسلام على ما قيل كان له حالان في المنام أحدهما أنه كان تنام عينه ولا ينام قلبه وذلك في غالب أوقاته وثانيهما وهو أن ينام قلبه أيضا وهو نادر فصادف هذا الموضع حاله الثاني ثم اعلم أن في بعض النسخ ضبط غيبته بدل عينيه واختاره الحلبي وقال الغيبة ضد الحضور وهو ظاهر وإنما ذكرته لاحتمال أن يشتبه على من لا يعرف فيصحفه وقال الغيبة بعينيه تثنية عين وهي الجارحة الباصرة قالت هذا لا يصح لا من جهة الأعراب في المبنى ولا من طريق الصواب في المعنى لأن غيبته إذا كان عطفا على قلبه لا يستقيم الكلام إذ التقدير هذا حكم قلبه عند نومه وحكم عدم حضوره ولا خفاء في قصوره وإذا كان عطفا على نومه فيكون التقدير هذا حكم قلبه عند نومه وعند عدم حضوره ولا يخفى ما في هذه أيضا من بعد تصوره (وتصحّح هذا التّأويل) الذي أفاد أن قلبه لا ينام غالبا وقد ينام نادرا (قوله عليه الصلاة والسلام في) هذا (الحديث نفسه) أي نفس هذا الحديث المذكور وهو حديث الصلاة في الوادي لا كما توهم الدلجي من أنه حديث عيناي تنامان ولا ينام قلبي وقال التلمساني صوابه ما عند ابن مليح في أصله وقول بلال في الحديث نفسه وهو معروف من قول بلال والمحفوظ من قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (إنّ الله قبض أرواحنا) قلت هذا هو المراد وهو الصواب ولا يظهر لقول التلمساني وجه في هذا الباب مع أن رواية البخاري أن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء (وقول بلال فيه) أي في حديث صلاة الوادي فما أيقظهم إلا حر الشمس فقال صلى الله تعالى عليه وسلم هذا واد به شيطان اقتادوا فاقتدوا رواحلهم حتى خرجوا منه وقضوا صلاة الصبح لا كما توهم الدلجي ايضا وقال أي في حديث أن عيني تنامان جوابا لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم وقد أمره أن يكلأ لهم الفجر فقال عليه الصلاة والسلام أين ما قلت يا بلال فقال والله يا رسول الله (ما ألقيت عليّ نومة مثلها قطّ) لشدة تعب السيرة وقوة نصب السهر ولعل وجه كون قول بلال يصحح التأويل السابق أنه وقع له عليه الصلاة والسلام من شدة الحال كما وقع لبلال فنام قلبه عليه الصلاة والسلام من كثرة الكلال (ولكن مثل هذا) أي النادر الوقوع (إنّما يكون منه) أي من النبي عليه الصلاة والسلام (لأمر يريده الله عز وجل) وفي نسخة يريده من الله (من إثبات حكم) تحته حكم (وتأسيس سنّة) أي تأصيل قضية منيعة يبني عليها فروع شريعة (وإظهار شرع) من فرض أو سنة لم يكن مبينا، (وكما قال) أي النبي عليه الصلاة والسلام (فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَيْقَظَنَا» ) أي منامنا ظاهرا وباطنا (ولكن أراد) أي بغلبة النوم علينا (أن يكون) أي سنة (لمن بعدكم) يقتدون بها، (الثّاني) من الأجوبة (أَنَّ قَلْبَهُ لَا يَسْتَغْرِقُهُ النَّوْمُ حَتَّى يَكُونَ منه الحدث فيه) أي ناقض الوضوء في نومه (لما روي) في صحيح البخاري وغيه (أنّه كان محروسا) أي محفوظا عن أن يقع منه حدث في حال نومه (وأنّه كان ينام حتّى ينفخ) بضم الفاء (وحتّى يسمع) بصيغة المجهول (غطيطه) أي ترديد صوته الخارج

<<  <  ج: ص:  >  >>