بضع سنين فقال أبي بن خلف كذبت أجعل بيننا وبينك أجلا فراهنه على عشر قلائص من كل واحد منهما وجعلا الأجل ثلاث سنين فأخبر أبوبكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال البضع ما بين الثلاث إلى التسع فزايده أي في الإبل وماده في الأجل فجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين ومات أبي بعد قفوله من أحد بجرح من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بسرف كافرا وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية فأخذ أبو بكر القلائص من ورثة أبي فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تصدق بها وبه أخذ ائمتنا الحنفية جواز العقود الفاسدة في دار الحرب وأجاب الشافعية بأنه كان قبل تحريم القمار والله تعالى اعلم (وقوله) أي وكقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ) أي ليغلب دين الحق ويعليه (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [الفتح: ٣٣] ) أي على جنس الدين جميعه بتمام إفراده بتسليط المسلمين على أهله بالعزة والغلبة والقهر والقوة فضلا عن الحجة (وَقَوْلِهِ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [النور: ٥٥] الآية) أي في الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي من الأنبياء السالفة وأممهم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (وَقَوْلِهِ:
إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النَّصْرِ: ١] ) أي فتح مكة (إلى آخرها) أي إلى آخر السورة أو إلى آخر ما يتعلق به معنى الآية وهو قوله وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (فكان جميع هذا كما قال) أي وقع كله كما أخبر عنه أي فكان جميعه كما قال معجزة ومن أعلام النبوة (فغلبت الرّوم فارس في بضع سنين) أي يوم الحديبية قيل عند رأس سبع سنين وكان حقه أن يقول أيضا ودخل أهل الإسلام في المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين غير خائفين في عام عمرة القضاء وكان صلح الحديبية مقدمة فتح مكة وهذا وإن كان باعتبار الآية الواردة فيه مقدما لكن وقوعه عن قضية غلبة الروم صار مؤخرا؛ (ودخل النّاس في الإسلام) أي بعد فتح مكة (أفواجا) أي فوجا بعد فوج من أهل مكة والطائف واليمن وغيرها (فما مات صلى الله تعالى عليه وسلم وفي بلاد العرب كلّها لم يبق موضع لم يدخله الإسلام واستخلف) أي الله تعالى كما في نسخة (المؤمنين في الأرض) أي في عامة البلاد (ومكّن فيها دينهم) أي ثبته فيما بين العباد (وملّكهم إيّاها) أي الأرض وبلادها (من أقصى المشارق إلى أقصى المغارب) أي ليتم نظام مرادهم ويكمل أمور معاشهم ومعادهم (كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم) أي فيما رواه مسلم عن ثوبان مرفوعا (زويت لي الأرض) بضم الزاء وكسر الواو أي جمعت وطويت لأجلي (فأريت) بصيغة المجهول وفي أصل الدلجي فرأيت (مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لي منها) أي بأسرها (وَقَوْلِهِ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩] ) أي من التحريف بالزيادة والنقصان مما تواتر عند علماء الأعيان من قراء الزمان (فكان كذلك) أي بمقتضى حفظه (لا يكاد يعدّ) بصيغة المجهول أي يحصر (من سعى في تغييره) أي من مبانيه (وتبديل محكمه) أي في