فلما تولى بهرام سلخه وحشا جلدة تبنا وقتل أصحابه إلا من هرب إلى الصين ودعا إلى دينه وأهل الصين إلى زماننا هذا على مذهبه كذا ذكره بعضهم فأجيب وقد كذبهم المتنبي في شعره فقال:
وكم لظلام الليل عندي من يد ... تخبر أن المانوية تكذب
قال وللمانية مذهبان منهم من يقول إن النور والخير والروح خلقه إله والشر والظلمة والجسد خلقه إله وهم ثنوية ومنهم من يقول الخير كله في النور والشر كله في الظلمة والفرق بينهم وبين الديصانية أنهم يقولون النور والظلمة حيان وفي أصل التلمساني المانية بفتح الميم والنون المشددة والظاهر أنه تصحيف (وأشباههم) أي ممن عبد غير الله تعالى (من الصّابئين) بالهمز ودونه من صبأ إذا خرج من دين إلى دين آخر وهم فرقة عدلوا عن اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة لا عتقادهم تأثيرها في عالم العناصر مدبرة لأمور قديمة شفعاء للعباد عند الله مقربة لهم إليه زلفى ويزعمون أنهم على دين نوح عليه السلام (والنّصارى) وهم طوائف ثلاث مشهورة يقولون تدرع الناسوت باللاهوت بطريق الامتزاج كالخمر بالماء عند الملكائية وبطريق الإشراق كالشمس في كوة بلور عند النسطورية وبطريق الانقلاب لحما ودما بحيث صار الإله هو المسيح عند اليعقوبية (والمجوس) القائلين بخالقين يزدان وهو مبدأ الخير وأهرمن وهو الشيطان مبدأ الشر وهم يعبدون النار لمحبتهم في النور وفي الحديث القدرية مجوس هذه الأمة قيل لمشابهتهم في قولهم بأصلين نور وظلمة فالخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة وكذا القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى الإنسان أو الشيطان (والّذين أشركوا بعبادة الأوثان) أي الأصنام (أو الملائكة أو الشّياطين) أي الجن فإن إبليس لم يعبد قط وأما قوله تعالى لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ فمعناه لا تطيعوه فيما يأمركم بالعصيان (أو الشّمس) وكذا القمر (أو النّجوم) أي جنسها أو نجم خاص منها كالشعري (أو النّار) فيه نوع من التكرار (أَوْ أَحَدٍ غَيْرِ اللَّهِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وأهل الهند) وهم الهنود (والصّين) مملكة بالمشرق فيها الترك من الكفرة (والسّودان) بضم أوله جمع أسود وهم كثيرون قيل معمور الأرض مسافة مائة سنة منها ليأجوج ومأجوج ثمانون سنة ومنها للسودان ست عشرة سنة وقيل ثماني عشرة ومنها لأولاد سام ما بقي (وغيرهم ممّن لا يرجع إلى كتاب) أو يرجع إليه لكن لا على طريق صواب (وكذلك القرامطة) وهم الإسماعيلية لإثباتهم الإمامة لإسماعيل بن جعفر الصادق وأصل دعوتهم إلى بطلان الشرائع لأن طائفة من المجوس عند استيلاء الإسلام وغلبة أهله الكرام راموا تأويلها على وجوه تعود إلى قواعد اسلافهم يستدرجون بها ضعفاء المسلمين وأهل غفلتهم استدراجا يورثهم اختلافا واضطرابا في شريعتهم ورئيسهم حمدان من قرمط قرية من قرى واسط فلقبوا بالقرامطة ورتبوا في الدعوة إلى ذلك مهملات باطلة ابتدعوها وخرافات عاطلة اخترعوها منها إباحة المحرمات والترغيب في اللذات كقولهم