النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بأذى أو نقص معرضا) أي ملوحا (أو مصرحا وإن قلّ) الأذى وإن كثر بالأولى (فقتله واجب، فهذا الباب) أي باب ما يؤذي ذلك الجناب (كلّه ممّا عدّه العلماء سبّا) أي شتما وطعنا (ونقصا) أي قدحا وفي نسخة أو تنقصا أي إظهار نقص في كماله (يَجِبُ قَتْلُ قَائِلِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ متقدّمهم ولا متأخّرهم) أي من المالكية (وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ قَتْلِهِ عَلَى مَا أشرنا إليه) أنه هل يستفاد أو لا وهل إذا تاب يترك أو يقتل حدا أو لا يستتاب ويقتل كالزندق والله تعالى ولي التوفيق (ونبيّنه بعد) أي ننظر تفصيله بعد ذلك على وجه التحقيق ثم اعلم أن فصل الخطاب في هذا الباب أن هذا كله إذا صدر عنه تعمدا ولو هزلا بخلاف ما إذا جرى على لسانه سهوا أو خطأ أو إكراها لقوله عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وقد صرح قاضيخان من ائمتنا في فتاواه بأن الخاطئ إذا جرى على لسانه كلمة الكفر خطأ لم يكن ذلك كفرا عند الكل بخلاف الهازل لأنه يقول قصدا انتهى ثم إنه لا يعذر بالجهل عند عامة أهل العلم خلافا لبعضهم ثم اعلم أن المرتد يعرض عليه الإسلام عند علمائنا الإعلام على سبيل الندب دون الوجوب لأن الدعوة بلغته وهو قول مالك والشافعي وأحمد ويكشف عن شبهته فإن طلب أن يمهل في مدته حبس ثلاثة أيام لأنها مدة ضربت لأجل الأعذار فإن تاب قبل وإلا قتل وفي النوادر عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لا يستحب أي يمهل ثلاثة أيام طلب ذلك أو لم يطلب وفي أصح قولي الشافعي أنه يستتاب في الحال وإلا قتل وهو اختيار ابن المنذر وقال الثوري يستتاب ما يرجى عوده وفي المبسوط من كتب مذهبنا أنه إن ارتد ثانيا وثالثا فكذلك يستتاب وهو قول أكثر أهل العلم ويشير إليه قوله تعالى وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إلى أن قال وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا ويدل عليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة فإن الحكم في المعصية الصغرى والكبرى واحد فقد قال عليه الصلاة والسلام التائب من الذنب كمن لا ذنب له وقال مالك وأحمد لا يستتاب من تكرر منه كالزنديق ولعلهم تعلقوا بظاهر قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وأوله المحققون بكونهم لا يتوبون أو بكون توبتهم لا تكون إلا نفاقا لا لارتدادهم وزيادة كفرهم ولذلك لم يدخل الفاء في لن تقبل توبتهم فإن المبتدأ لا يكون سببا للخبر بل النفاق سبب له وقيل لن تقبل توبتهم إذا أشرفوا على الموت ففيه الحث على التوبة قبل الفوت وقيل نزل فيمن مات منهم كافرا كما بينه بعده بقوله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ الآية أو الآية السابقة مختصة بالزنديق والله ولي التوفيق ثم لنا في الزنديق روايتان رواية لا تقبل توبته كقول مالك وفي رواية تقبل وهو قول الشافعي وهذا في حق أحكام الدنيا وأما فيما بينه وبين الله تعالى فتقبل بلا خلاف وعن أبي يوسف إذا تكرر منه الارتداد يقتل من غير عرض الإسلام عليه لاستخفافه بالدين الواجب إكرامه إليه (وكذلك أقول حكم من غمصه) أي عابه (أو عيّره) بتشديد الياء أي احتقره (برعاية الغنم) أي برعيها بالأجرة وسيأتي