توهمت الشيعة فإنه يرده قول الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ (أو اعتقادها) أي أو من عدم اعتقادهم إياها (على خلاف ما هي عليه) أي على خلاف حقيقتها كما يشير إليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم للأنصار وهم يؤبرون النخل لا عليكم أن لا تفعلوا فتركوا تأبيره فلم يلقح منه ذلك إلا قليل فقال أنتم أعرف بدنياكم وكذا رجوعه إلى رأي الحباب بن المنذر ببدر على ما مر (ولا وصم) بسكون الصاد المهملة أي لا عيب لهم ولا عتب (عليهم إذ همتهم) أي توجههم وعزيمتهم وفي نسخة هممهم (متعلّقة بالآخرة وأنبائها) أي اخبارها من أحوالها وأهوالها (وأمر الشّريعة وقوانينها) أي ضوابطها الكلية المشتملة على المسائل الجزئية (وأمور الدّنيا) أي باعتبار توجه الهمة إليها مبتدأ خبره (تضادّها) كتضاد الضرتين والكفتين وقد ورد من أحب آخرته أضر بدنياه ومن أحب دنياه أضر بآخرته فآثروا ما يبقى على ما يفنى (بخلاف غيرهم) أي غير الأنبياء واتباعهم وهم العلماء والأولياء (من أهل الدّنيا) كالكفار والفجار (الذين) قال الله فيهم (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي لا باطنها من أنها تعبر ولا تعمر (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) أي مع أنهم في أمر دنياهم عاقلون (كَمَا سَنُبَيِّنُ هَذَا فِي الْبَابِ الثَّانِي إِنْ شاء الله ولكنّه) أي الشأن (لا يقال) أي مع هذا (أنّهم) أي الأنبياء (لا يعلمون شيئا من أمر الدّنيا) أي على وجه الإطلاق (فإنّ ذلك يؤدّي إلى الغفلة) أي إلى نسبة الغفلة (والبله) بفتحتين أي البلاهة المنافية لكمال العقل والفطانة فقيل الأبله الذي لا عقل له وقيل الأبله الكثير الغفلة ويقال الأبله أيضا للذي طبع على الخير فهو غافل عن الشر وعليه الحديث أكثر أهل الجنة البله (وهم المنزّهون عنه) أي عن مثل ذلك فإنهم الكاملون المكملون فيما هنالك (بل قد أرسلوا إلى أهل الدّنيا) أي لينبهوهم من غفلتهم ويمنعوهم عن بلاهتهم (وقلّدوا) بصيغة المجهول أي وتقلدوا (سياستهم) أي محافظتهم عما يضرهم (وهدايتهم) أي دلالتهم إلى ما ينفعهم (والنّظر في مصالح دينهم) يروى صلاح دينهم (ودنياهم) أي المرتبطة بأمور أخراهم، (وهذا) أي ما ذكر (لا يكون) أي لا يتصور (مع عدم العلم بأمور الدّنيا بالكلّيّة) نعم قد يكون لهم عدم علم ببعضها لعدم التفاتهم إليها في الأمور الجزئية، (وأحوال الأنبياء وسيرهم) أي عند العلماء (في هذا الباب معلومة) وفي الكتب مسطورة (وَمَعْرِفَتُهُمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَشْهُورَةٌ وَأَمَّا إِنْ كَانَ هذا العقد) أي عقد قلوبهم (ممّا يتعلّق) يروى فيما يتعلق (بالدّين) أي بأموره (فلا يصحّ من النبيّ إِلَّا الْعِلْمُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ جَهْلُهُ جملة) أي بأسرها (لأنّه لا يخلو) أي من أحد أمرين (أن يكون) أي النبي عليه الصلاة والسلام (حصل عنده ذلك) أي العلم (عن وحي من الله فهو ما لا يصحّ الشّكّ منه) أي من النبي عليه السلام (فيه على ما قدّمناه) من أنه لا يصح منه إلا العلم بما أوحى (فكيف الجهل) أي فكيف يصح الجهل منه به (بَلْ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ الْيَقِينُ أَوْ يَكُونُ) أي أو أن يكون النبي (فعل ذلك) وفي نسخة عقد ذَلِكَ (بِاجْتِهَادِهِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شيء) بصيغة المفعول أو الفاعل (على القول) أي قول بعض العلماء (بتجويز وقوع