للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت والمعتمد في مذهبنا ما ذكره قاضيخان في فتاواه من أن المرتد يعرض عليه الإسلام في الحال فإن اسلم وإلا قتل إلا أن يطلب التأجيل فيؤجل ثلاثة أيام لينظر في أمره ولا يؤجل أكثر من ذلك ويعرض عليه الإسلام في كل يوم من أيام التأجيل فإن اسلم سقط عنه القتل وإن أبي يقتل وجحود الردة يكون عودا إلى الإسلام ثم ردة الرجل تبطل عصمة نفسه حتى لو قتله قاتل بغير أمر القاضي عمدا أو خطأ أو بغير أمر السلطان أو أتلف عضوا من أعضائه لا شيء عليه (وفي كتاب محمد) أي ابن المواز (عن ابن القاسم) أي ابن خالد المصري (يدعى المرتدّ إلى الإسلام ثلاث مرّات) أي في يوم أو أيام كما هو المشهور من مذهب مالك (فَإِنْ أَبَى ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا) القول باستتابته (هل يهدّد) بقتل وضرب وغيرهما (أو يشدّد عليه أيّام الاستتابة) بجوع أو عطش ونحوهما (ليتوب) أي ولو بكره (أم لا) يهدد ولا يشدد (فَقَالَ مَالِكٌ مَا عَلِمْتُ فِي الِاسْتِتَابَةِ تَجْوِيعًا ولا تعطيشا ويؤتى له) أي يعطى (من الطّعام بما لا يضرّه) رجاء رجوعه (وقال أصبغ يخوّف أيّام الاستتابة بالقتل) والتنكيل الوبيل (وَيُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ وَفِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ) ويقال أبو الحسين (الطّابثي) بطاء مهملة ثم موحدة مكسورة فمثلثة فياء نسبة إلى قرية بالبصرة (يوعظ في تلك الأيّام) أي أيام الاستتابة (ويذكّر بالجنّة) ونعيمها (ويخوّف) أي ينذر (بالنّار) وأليمها (قَالَ أَصْبَغُ وَأَيُّ الْمَوَاضِعِ حُبِسَ فِيهَا مِنَ السّجون مع النّاس) المحبوسين (أو وحده) أي مفردا عنهم (إذا استوثق منه) بصيغة المجهول (سواء) لأن المقصود حفظه كي يرجع إلى الإسلام أو يقتل عبرة للأنام (ويوقف ماله) أي يحفظ (إذا خيف أن يتلفه على المسلمين) فاندفع قول الدلجي لم أدر ما محترزه بالظرف المؤذن بأنه إذا لم يخف تلفه لم يوقف بل هو موقوف بسبب ردته مطلقا فإن لم يتب تبين زوال ملكه عنه وكان فيئا انتهى وسيأتي الكلام عليه وإنما نشأ عدم درايته من حمل الموقوف على حكمه لا على حفظه عن ضياع ملكه (ويطعم منه ويسقى وكذلك يستتاب أبدا كلّما رجع) إلى الإسلام (وارتدّ) بعده من الأيام (وقد استتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نبهان) بنون مفتوحة وسكون موحدة وهو أحد ثلاثة من الصحابة كل منهم كان اسمه نبهان لا يعلم أيهم (الّذي ارتدّ) منهم (أربع مرّات أو خمسا) شك من الراوي وقد رواه البيهقي بسند مرسل وقال استتاب رجلا ارتد أربع مرات اسمه نبهان قال الحلبي في الصحابة نبهان التمار أبو مقبل ونبهان أبو سعد ونبهان الأنصاري انتهى ولم يذكر أبو عمر نبهان في كتابه قيل ولم يذكر ابن الجوزي من اسمه نبهان في الصحابة إلا الأول وبه جزم التلمساني حيث قال ونبهان هو التمار وري أنه أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فقال لها إن هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه فذهب بها إلى البيت فضمها إلى نفسه وقبلها فقالت له اتق الله فتركها وندم فأتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبره فنزل وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً الآية (قال ابن وهب) أي المصري (وعن مالك يستتاب أبدا كلّما رجع) إلى الردة (وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) المصري الفقيه المالكي (وقال إسحاق) أي ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>