للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عقبة بالأرض المقدسة فنفخه بجناحه نفخة فألقاه على أقصى جبل بالهند (والقبول) أي ولما أطاقوا قبول الأحكام وأخذ الإسلام (عنهم) أي في تبليغهم ما أرسلوا به إليهم إذ الجنسية علة الضم قال الحجازي ويروى عليهم أقول الظاهر إنه تصحيف (ومخاطبتهم) أي ولما أطاقوا حال مكالمتهم لهم ومخالطتهم معهم (قال الله تعالى) أي في جواب جمع اقترحوا وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (وَلَوْ جَعَلْناهُ) أي الرسول الذي اقترحوه (مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا) [الأنعام: ٩] أي لأرسلناه في صورة رجل وهذا معنى قوله (أَيْ لَمَا كَانَ إِلَّا فِي صُورَةِ الْبَشَرِ الّذي) أفرد نظرا إلى لفظ البشر وفي نسخة الذين نظرا إلى معناه (يمكنكم) يروى يمكنكم (مخالطتهم) كما كان جبرائيل يصور له عليه السلام في صورة دحية وغيره وفي نسخة خالطتهم (إذ لا تطيقون) أي جنس البشر (مُقَاوَمَةَ الْمَلَكِ وَمُخَاطَبَتَهُ وَرُؤْيَتَهُ إِذَا كَانَ عَلَى صورته) أي وهو على حقيقة ذاته إلا نادرا على وجه خرق العادة كما وقع لنبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أنه رأى جبريل في صورته الأصلية مرتين وتتمة جواب المقترحين وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ أي ولو جعلناه في صورة رجل لخطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم فإنهم إذا رأوه في صورته قالوا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فيكذبونه كما كذبوا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم (وقال) أي الله تعالى لنبيه (قالُوا) أي جوابا لقولهم أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا انكارا منهم أن يرسل الله بشرا وإقرارا بأن يصلح أن يكون الإله حجرا (لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ) أي ظاهرين كما يمشي بنو آدم فيها ساكنين (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا أَيْ لَا يُمْكِنُ فِي سُنَّةِ اللَّهِ إِرْسَالُ الملك إلّا لمن هو من جنسه) أي لتمكنه من مخالطته وتلقنه من مخاطبته (أو من خصّه الله تعالى واصطفاه) أي بأن صفى مرآة روحه (وقوّاه على مقاومته) أي مقابلة الملك ومواجهته (كالأنبياء والرّسل) فيقومون بدعوة الخلق إلى طريق الحق وكأن المصنف ذهب في الفرق بين النبي والرسول إلى ما قاله بعضهم إن الرسول صاحب كتاب وشريعة مجددة والنبي بخلافه (فَالْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَسَائِطُ بَيْنَ اللَّهِ تعالى) أي بواسطة ملائكته (وبين خلقه) أي المأمورين بطاعته وعبادته (يبلّغونهم أوامره) أي ليمتثلوها (ونواهيه) ليجتنبوها (ووعده) أي على طاعتهم (ووعيده) أي على معصيتهم (ويعرّفونهم بما لم يعلموه من أمره) أي من أمر ذاته وصفاته وأفعاله في مصنوعاته وقضائه من إيجاد وإمداد وإفناء وإبقاء وغفران ذنب وتفريج كرب ورفع قوم ووضع آخرين (وخلقه) أي وما لم يعلموه من أحوال خلقه ابتداء وانتهاء (وجلاله) وأي من بيان عظمته وهيبته وجماله من رأفته ورحمته وكماله من عنايته ورعايته (وسلطانه) أي علو شأنه وظهور برهانه (وجبروته) أي قهره وقدرته (وملكوته) أي عزته وغلبته وحاصل الكل بيان تصرفه في ملكه ومملكته لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه (فظواهرهم) أي الأنبياء (وأجسادهم وبنيتهم) أي أبدانهم المركبة

<<  <  ج: ص:  >  >>