من أشباحهم وأرواحهم أو الممتزجة من العناصر الأربعة بالوجه المعتبر (متّصفة بأوصاف البشر طارىء عليها) أي هو جار وهو من طرأ مهموز الفاء (ما يطرأ على البشر من الأعراض) أي العوارض في الأجسام (والأسقام) كسائر الأنام (والموت والفناء) أي ولعله عطف تفسير وإلا فالفناء لا يطرأ على مطلق الأرواح وأما الأشباح فقد ورد أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء (ونعوت الإنسانيّة) وفي نسخة الآدمية أي من القوى الشهوية والغضبية (وأرواحهم وبواطنهم متّصفة بأعلى) أي بأوصاف أعلى (من أوصاف البشر متعلّقة بالملاء الأعلى) بل متوجهة بالكلية إلى المولى وهو الأولى (متشبّهة) يروى مشبه (بصفات الملائكة) أي في دوام الذكر والحضور من غير السآمة والفتور وفي القوة على الطاعة والعبادة من غير الملامة ففي البخاري أنه أعطي قوة ثلاثين رجلا (سليمة من التّغيّر) أي تغير العقل المورث لتغير النقل (والآفات) أي المنافية لأرباب النبوات وأصحاب الفتوات (لا يلحقها) أي أرواحهم وأشباحهم (غالبا عجز البشريّة ولا ضعف الإنسانيّة) بفتح الضاد وضمها أي فتورها وقصورها فهم أتم أفعالا وأصدق أقوالا وأكمل أحوالا إلا أنهم قد يغشاهم فترة لطبيعتهم على نعت العلة لكن لا تخرجهم عن كمال القوة وعلو المهمة (إذ لو كانت بواطنهم) أي أسرارهم العلية (خالصة للبشريّة) أي من دواعيها (كظواهرهم) أي من لزوم مراعيها (لما أطاقوا الأخذ) أي أخذ العلم وتلقي الوحي (عن الملائكة ورؤيتهم) بالنصب أي ولا أطاقوا ملاقاتهم (ومخاطبتهم) أي مكالمتهم (ومخالّتهم) بتشديد اللام أي مخالطتهم كما في نسخة مخاللتهم بالفك وهي موادتهم ومصاحبتهم (كما لا يطيقه) أي ما ذكر من الأخذ وما بعده (غيرهم) أي غير من الأنبياء (من البشر) أي ولو كانوا من الأولياء (ولو كانت أجسامهم) أي أجسادهم كما في نسخة (وظواهرهم) أي أبشارهم (متّسمة) أي متصفة (بِنُعُوتِ الْمَلَائِكَةِ وَبِخِلَافِ صِفَاتِ الْبَشَرِ لَمَا أَطَاقَ البشر) أي من غيرهم (ومن أرسلوا) بصيغة المجهول (إليه) أي من أممهم (مخالطتهم) وفي نسخة مخاطبتهم أي الأخذ منهم والانتفاع بأمرهم ونهيهم (كما تقدّم) أي مما يدل على هذا (من قول الله تعالى) أي ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا (فجعلوا) بصيغة المجهول أي خلقوا متوسطين بين الأرواح الملكية والأشباح البشرية جامعين بين الأنوار الباطنية والأسرار الظاهرية فجبلوا (من جهة الأجسام والظّواهر مع البشر) أي متشاركين (ومن جهة الأرواح والبواطن مع الملائكة) أي متناسبين (كما قال عليه الصلاة والسلام) أي فيما رواه البخاري وغيره (لو كنت متّخذا من أمّتي خليلا) أي حبيبا تتخلل محبته خلال قلبي (لا تخذت أبا بكر خليلا) إلا أن هذه المحبة الخالصة لقلبي مختصة بمودة ربي كما يشير إليه ما روي عنه عليه الصلاة والسلام لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل والتحقيق أن المراد بالنبي المرسل ذاته الأكمل فإنه في مقام جمع الجمع يفنى عن