للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى إن دخلها لا يخلد فيها كما هو شأن المؤمن العاصي حيث يكون تحت المشيئة إلا أن هذا القول لا يصح عند من يقول الإقرار شطر وكذا عند من يقول إنه شرط حيث لا يوجد المشروط بدون الشرط حال إمكان وجوده فبطل قول الدلجي وهذا كما مر عند المحققين هو الحق ولا يعصى عند من يقول الإيمان هو التصديق فقط انتهى ولا يخفى أنه مخالف للإجماع لأن تارك الشهادة مع القدرة عاص عند الكل من غير نزاع وإنما الخلاف في أنه مؤمن أو ليس بمؤمن والله سبحانه وتعالى أعلم (وقيل ليس بمؤمن حتّى يقارن عقده) أي اعتقاده وتصديقه بالجنان (شهادة) أي إقرار بالله وبرسوله وفي نسخة شهادة اللسان وهي بالنصب وقيل بالرفع وكلاهما جائز لأن من قارن الشيء فقد قارنه ذلك الشيء وإنما قيل بنفي إيمانه (إذ الشّهادة إنشاء عقد والتزام إيمان) أي قبول أحكام الإسلام (وهي) أي الشهادة (مرتبطة مع العقد) أي جزم القلب (ولا يتمّ التّصديق مع المهلة) بضم فسكون أي مع الإمهال زمانا يسعه القيام بشرطه أو شطره (إلّا بها) أي بالشهادة سواء قلنا إنها شرط أو شطر كما بينا (وهذا) أي القول الثاني (هو الصّحيح) أي في أنه ليس بمؤمن لعدم قرانه عقد جنانه بإقرار لسانه مع تمكنه من بيانه في مهلة زمانه وأما قول الدلجي إن هذا إنما يقول به من يجعل الأعمال جزءا منه فخطأ ظاهر إذ أجمع أهل السنة على أن الأعمال ليست جزءا من حقيقة الإيمان خلافا للخوارج والمعتزلة وأما نسبة هذا القول إلى الشافعي رحمه الله تعالى والمحدثين فمحمول على أنها جزء من كمال الإيمان وإنما الخلاف لفظي في مراتب الإيقان فبطل قول الدلجي إن الإيمان قول وعمل واعتقاد كما هو مذهب الفقهاء والمحدثين أو قول واعتقاد كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأشياعه انتهى ولا يخفى أن هذا غفلة منه عن تحقيق الأشعري واتباعه ثم هذا الخلاف فيما إذا لم يؤمر بأداء الشهادة وإذا أمر بها وامتنع وتأبى عنها كأبي طالب فهو كافر بالإجماع (وهذا) أي ما ذكرنا في بحث الإيمان وفي نسخة وهذه أي هذه المسائل أو الأقوال هي الوسائل التي كتب فيها الرسائل لينتفع بها كل طالب وسائل (نبذ) بنون مفتوحة وسكون موحدة فذال معجمة أي شيء قليل يسير على ما في القاموس وهو مطابق لما في النسخ المعتبرة وموافق لما في الشروح المعتمدة وأما ما ذكره الدلجي من قوله بنون وباء موحدة مفتوحتين وفي نسخة بضم النون وسكون الباء جمع النبذة فليس في النسخ وهو مخالف لما في كتب اللغة بل في القاموس أن النبذة بفتح النون وتضم الناحية ولا ريب أن هذا المعنى لا يناسب مقام المرام فهو خالف الرواية والدراية نعم في نسخة نبذ بضم ففتح جمع نبذة أي قطعة يسيرة والمعنى أن ما ذكر من الإيمان وما يتعلق به صحة وعدما في هذا المكان شيء يسير يترتب عليه أمر كثير (يفضي) من الإفضاء أي يوصل ويؤدي (إِلَى مُتَّسَعٍ مِنَ الْكَلَامِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وأبوابهما) أي مما يتعلق بهما من الأحكام (وفي الزّيادة فيهما والنّقصان) وفيه أن لا خلاف في زيادة مراتب الإسلام المتعلقة بالأعمال ونقصانها وإنما الخلاف في زيادة نفس الإيمان ونقصانه ويتفرع عليهما قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>