للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلوي ولذا لم يقل والكمال والتمام البشريان (إذ رتبتهم أشرف الرّتب) أي رتب الموجودات إلا أن في الملائكة خلافا لبعض الأئمة أو رتب البشر فهو بإجماع الأمة وهذا في الدنيا وقوله (ودرجاتهم أرفع الدّرجات) أي في العقبى (ولكن فضّل الله بعضهم على بعض) أي في الدنيا والآخرة (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [البقرة: ٢٥٣] ) الإشارة إلى من يعلمه نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم فاللام للعهد وإنما لم نقل بالاستغراق لقوله تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ على أنه لا يبعد أنه سبحانه وتعالى أعلم نبيه بجميعهم وإن لم يعلمه بقصصهم ثم المراد بالفضيلة هنا هو الأمر الزائد على أصل معنى الرسالة لاستوائهم باعتبار تلك الحالة كما يدل عليه بقية الآية مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ أي تفضيلا له كموسى ليلة الحيرة في الطور وكمحمد ليلة المعراج ولعل تخصيص موسى بقوله وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً لتكرير تكليمه له أو لاختصاصه به بالنسبة إلى من تقدم كما يشير إليه قوله تعالى وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ أي على جميعهم لا على باقيهم كما قاله الدلجي درجات هو نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم تفضيلا على غيره بمناقب متكاثرة ومراتب متوافرة كالدعوة العامة والفضيلة التامة الجامعة بين الرؤية والمكالمة وبين المحبة والخلة وكالآيات الكاملة والمعجزات الظاهرة الشاملة فهو المفرد العلم الأكمل الغني عن البيان في هذا المحل أو هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام حيث خص بالخلة التي هي من أعلى مراتب المقام أو إدريس عليه الصلاة والسلام رفعه الله مكانا عليا وقيل بقية أولي العزم من الرسل (وقال: وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ) أي بني إسرائيل (عَلى عِلْمٍ أي بهم (عَلَى الْعالَمِينَ [الدخان: ٣٢] ) أي عالمي زمانهم لكثرة الأنبياء فيهم والمعنى أنا اصطفيناهم عالمين بأنهم أحقاء باصطفائنا إياهم وإذا كان بنو إسرائيل مصطفين لوجود الأنبياء فيهم فبالأولى ثبوت الاصطفاء لهم فتأويلنا هذا الكلام المصنف أولى من قول الدلجي هذا على توهم جعل الضمير للانبياء والحق جعله لبني إسرائيل قبله (وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم) أي كما رواه الشيخان (إنّ أوّل زمرة) أي طائفة (يدخلون الجنّة) بصيغة المعلوم أو المجهول كما قرئ بهما في السبعة (على صورة القمر) أي في هيئته من كمال إنارته (ليلة البدر) وهي ليلة أربع عشرة سمي بدرا لمبادرته غروب الشمس في الطلوع أو لتمامه فيها (ثمّ قال) أي النبي عليه الصلاة والسلام (آخر الحديث) أي آخره بعد عد جميع زمره وإنما اختصره المصنف لطوله (على خلق رجل واحد) أي كلهم على صورة رجل واحد وهذا على رواية فتح الخاء والأظهر رواية الضم بشهادة رواية اخلاقهم على خلق رجل واحد وبدلالة رواية أخرى لا اختلاف بينهم ولا تباغض في قلوبهم على قلب رجل واحد وأغرب الدلجي حيث جعل الرواية الثانية شاهدة لرواية الخلق بالفتح نعم قد يرجح الفتح كما قال الحلبي لظاهر قوله (على صورة أبيهم آدم عليه السّلام) أي صورة خلقه ولا يبعد أن يكونوا أيضا على سيرة خلقه خلافا للدلجي حيث اقتصر على الأول فتدبر

<<  <  ج: ص:  >  >>