للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأمل (طوله ستّون ذراعا في السّماء) أي في جهتها احتراسا من طول عرضه من جهة الأرض فقد قيل أرضه سبعة أذرع وقيل التقدير وهو في السماء. (وفي حديث أبي هريرة) كما روياه أيضا (رأيت موسى) أي في ليلة المعراج أو في المنام أو في بعض الكشوفات (فإذا هو رجل ضرب) بفتح فسكون أي خفيف اللحم مستدق الجسم على ما ذكره الدلجي تبعا للخليل أو ما بين الجسمين كما قاله الحلبي وهو الأولى لأنه الوصف الأعلى كما ذكره في شمائل المصطفى هذا وقد قال ابن قرقول وقع عند الأصيلي بكسر الراء وسكونها معا ولا وجه للكسر كما قاله القاضي وفي حديث آخر مضطرب وهو الطويل غير الشديد وفي صفاته في كتاب مسلم عن ابن عمر جسيم سبط يحمل على هذا القول الموافق لرواية مضطرب لا على كثرة اللحم وإنما جاء جسيم في صفة الدجال (رجل) بكسر الجيم وروي فتحها أي شعره بين الجعودة والسبوطة (أقنى) أي طويل الأنف مع ارتفاع وسطه ودقة ارنبته (كأنّه من رجال شنوءة) بفتح معجمة وضم نون فواو وهمزة وقد تبدل فتدغم قبيلة من اليمن ويمكن الوجهان في قول الشاعر:

نحن قريش وهمو شنوءه ... بنا قريش ختم النبوه

(ورأيت عيسى فإذا هو رجل ربعة) بفتح راء وسكون موحدة وقد تفتح أي بين الطول والقصر وهو لا ينافي كونه إلى الطول أقرب كما هو أنسب على ما في شمائله صلى الله تعالى عليه وسلم (كثير خيلان الوجه) بإضافة الكثير أي شاماته جمع خال وهو نقطة سوداء تكون في الجسد ويستحسن قليلة في الوجه (أحمر) أي أبيض مائل إلى الحمرة على ما حقق في نعته صلى الله تعالى عليه وسلم هذا وقد اختلف في صفة عيسى عليه السلام فروى أبو هريرة بأن عيسى أحمر وقال ابن عمر والله ما قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بأن عيسى أحمر وإنما اشتبه على الراوي وروى ابن عمر أنه عيسى آدم والآدم الأسمر وفي البخاري من طريق مجاهد عن ابن عمر أنه احمر فالمراد ما قارب الحمرة والأدمة كما قدمنا فإنه قد جاء في شمائله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه اسمر مع أنه جاء أيضا كونه أبيض مشربا بالحمرة فتدبر (كأنّما خرج من ديماس) بكسر الدال ويفتح ويؤيد الأول قولهم أعل بقلب ميمه الأولى ياء لكسر ما قبلها فقيل معناه لكن أو الستر أي كأنه مخدر لم ير شمسا وهو بظاهره لا يلائم كونه أحمر فالصواب ما جاء مفسرا في حديث بأنه الحمام وفي الحديث رأيته يطوف بالبيت ثم رأيت بعده الدجال يطوف بالبيت واستشكل بأنه كيف ذلك وقد حرم الله عليه دخول مكة وأجيب بأن التحريم مقيد بوقت فتنته أو حرمت عليه جسمه وهذا باعتبار روحه وفيه إيماء إلى أن مرجع الكل إلى باب المولى وأن لا يقدر أحد أن يخرج عن حكمه تعالى (وفي حديث آخر) لم أعرف من رواه كما قاله الدلجي (مبطّن) بتشديد الطاء المهملة المفتوحة أي ضامر البطن وإن كان قد يطلق على عظيمه (مثل السّيف) أي لاستوائهما واعتدالهما كما ذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>