للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا ضربة من شقي لم يزل أبدا ... بها عليه إله الحق غضبانا

إني لأعلم أن الله جاعله ... أوفى البرية عند الله خسرانا

(والاعتزال) لعل المراد به طائفة خاصة من المعتزلة (فما أزاحوا) بالزاء والحاء المهملة أي فما أزال الصدر الأول ما هجرهم (لهم قبرا) متبعدا مفردا متميزا عن مقابر المسلمين وفي نسخة قبورا (ولا قطعوا لأحد منهم ميراثا) أي من مورثه مبتدعا أو غيره (لكنّهم هجروهم) في الكلام والسلام والمقام والطعام (وأدّبوهم بالضّرب والنّفي) أي الاخراج من بلادهم أو الحبس لدفع فسادهم (والقتل) لأرباب عتوهم وعنادهم (على قدر أحوالهم) واختلاف أقوالهم (لأنّهم) باعتقادهم ما يخالف الحق مما لا يكفرون به (فسّاق) لخروجهم عن طاعة الله (ضلّال) عن الحق لعدم قبولهم (عصاة) أي أهل فساد وبغاة (أصحاب كبائر عند المحقّقين) من المجتهدين (وأهل السّنّة) من علماء الدين (ممّن لم يقل بكفرهم) أي بكفر أرباب الآراء الكاسدة واصحاب التأويلات الفاسدة (منهم) أي من العلماء المتقدمين (خلافا لمن رأى غير ذلك) من عدم هجرهم أو لمن رأى اكفارهم وتحتم قتلهم (وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ) الباقلاني (وأمّا مسائل الوعد والوعيد) في قول المعتزلة إنه يجب عليه سبحانه وتعالى إثابة المطيع وتعذيب العاصي مع أنه سبحانه وتعالى يقول فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وقولهم يجوز خلف الوعيد لأنه محض كرم مع أنه تعالى قال إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ وقد جعلت في هذه المسألة رسالة مستقلة مسماة بالقول السديد في خلف الوعيد ردا على بعض أهل السنة حيث وافق المعتزلة (والرّؤية) أي رؤية الله سبحانه وتعالى وفي الدار الآخرة أنكرها المعتزلة (والمخلوق) أي الخلق كالمعقول بمعنى العقل أي خلق القرآن ومعناه أن القرآن مخلوق كما قالوه وقال الدلجي أي وأنكر مخلوقيته له تعالى كالمفوضة إذ قالوا إن الله خلق محمدا وفوض إليه خلق الدنيا فهو الخالق لها بما فيها ومثلهم من أنكر مخلوقية الشر له تعالى وأثبتها للشيطان وأو غيره انتهى ولا يخفى أن هذا المعنى لا يلائم لأنه كفر وزندقة والكلام في اعتقادات أهل البدعة (وخلق الأفعال) كالجبائي وأشياعه حيث اثبتوها للعباد (وبقاء الأعراض) بأنواعها وهو جمع عرض بفتحتين وهو في اصطلاح المتكلمين ما لا بقاء له كالألوان والأشكال والحركة والسكون والحق ما عليه الأشعري واتباعه أنه لا يبقى أكثر من زمن واحد لأنها كلها على التقضي والتجدد كالحركات والأزمنة والأصوات وبقاؤها عبارة عن تجدد أمثالها كلما انقضى واحد تجدد مثله بمجرد ارادته تعالى بوقته الذي خلقه فيه وقد قال ابن عربي بنفي بقاء الذوات أيضا وأن بقاءها في نظر الناظر إنما هو بتجدد أمثاله سريعا في ادبارها واقبالها حتى تختفي حقيقة حالها ومآلها (والتّولّد) الذي قالته المعتزلة وهو أن حركة النظر مثلا في الدليل تولد العلم بالنتيجة عقبها كحركة اليد تولد حركة المفتاح للفتح وقيل إن الآثار التي توجد عقيب أفعال العباد بمجرد العادة كالألم عقيب الضرب والانكسار عقيب الكسر تسميها المعتزلة المتولدة بفتح اللام على صيغة المجهول ويزعمون أنها حاصلة

<<  <  ج: ص:  >  >>