للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ التَّأْوِيلِ مِنَ الْمُشَبِّهَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ لم ير أخذهم بمآل قولهم) أي بما يؤول إليه آخر مقولهم (ولا ألزمهم موجب مذهبهم) بفتح الجيم أي مقتضى ما فهم من فحوى كلامهم (لم ير إكفارهم) أي تكفيرهم (قال) أي من لم ير ما سبق (لأنّهم إذا وقّفوا) بصيغة المجهول مشددا أو مخففا أي اطلعوا (على هذا) الذي ذكرنا من أن مآل قولهم عالم ولكن لا علم له نفي علمه تعالى (قالوا لا نقول) على أصلنا (ليس بعالم) سلبا معطلا له تعالى عن العلم بل هو كما قال أبو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة عالم بعلم هو ذاته حي بحياة هي ذاته مريد بإرادة هي ذاته لا عالم بعلم ومتكلم بكلام وحي بحياة زائدات على ذاته وهكذا في بقية صفاته (ونحن ننتفي من القول بالمأل الّذي ألزمتموه لنا ونعتقد نحن) معشر المعتزلة (وأنتم) أهل السنة (أنه) أي مآل إليه القول (كفر بل نقول إنّ قولنا) مثلا عالم ولكن لا علم له (لا يؤول إليه) أي انتفاء علمه سبحانه وتعالى أصلا (على ما أصّلناه) بتشديد الصاد أي جعلناه أصلا وقاعدة فالخلاف لفظي في المآل والله تعالى أعلم بحقيقة الحال (فعلى هذين المأخذين) أي ممن رأى أخذهم بالمآل ومن لم ير أخذهم (اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِكْفَارِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ وَإِذَا فهمته) أي التأويل على نسق ما مر من الأقاويل (اتّضح لك الموجب) أي الباعث (والسبب لاختلاف الناس في ذلك) التكفير لاختلافهم في مقام التقرير (والصّواب ترك إكفارهم) كما عليه الجمهور من الأئمة (والإعراض عن الحتم) أي حكم الجزم (عليهم بالخسران) المبين (وإجراء حكم الإسلام عليهم) كسائر المسلمين من حرمة إيذاء وعصمة دم ومال إلا بحق الإسلام (في قصاصهم) لهم ومنهم وحدهم شربا وسرقة وجلدا ورجما وتعزيرا لهم ومنهم (ووراثاتهم ومناكحاتهم ودياتهم) في جراحاتهم منهم ولهم (والصّلوات عليهم) إذا ماتوا وخلفهم إذا أموا (ودفنهم في مقابر المسلمين وسائر معاملاتهم) في الدنيا والدين (لكنّهم يغلّظ عليهم) تعزيرا لهم (بوجيع الأدب) ضربا وحبسا (وشديد الزّجر) من الطرد (والهجر حتّى يرجعوا عن بدعتهم) وينزجر غيرهم بعبرتهم (وهذه) الحالات (كانت سيرة الصّدر الأوّل) من صلحاء الأمة (فيهم) أي في حق أهل البدعة (فقد كان نشأ) بالنون أي ظهر وانتشأ وابتدأ وفشا (عَلَى زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَبَعْدَهُمْ فِي التَّابِعِينَ مَنْ قال بهذه الأقوال من القدر) وهو رأي المعتزلة كعبد الله الجهني ومن قال كما في صحيح مسلم به وواصل به عطاء وعمرو بن عبيد (ورأى الخوارج) عن خروجهم على علي وتكفيرهم له وافترائهم عليه لقولهم انزل الله فيه وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وفي ابن ملجم وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ حتى قال فيه كلبهم عمر بن حطان إذ قتل عليا:

يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره يوما فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا

وعارضه بعض أهل السنة بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>