فَخُذُوا بِهِ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فإنما أنا بشر (وكان ذلك) أي قوله عليه الصلاة والسلام للأنصار (رأيا) أي من نفسه (لا خبرا) عن وحي من ربه ومن ثمة قال أنتم أعلم بدنياكم وفيه تنبيه نبيه على أنه لا يشترط في حق أرباب النبوة العصمة على الخطأ في الأمور الدنيوية التي لا تعلق لها بالأحكام الدينية والأحوال الأخروية لتعلق هممهم العليا بعلوم العقبى وغيرهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا (وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ هذا الباب) أي باب تنزيهه عليه الصلاة والسلام عن أن يقع خبره خلاف مخبره في فصل الخطاب (كقوله) فيما رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري قال أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اسأله الحملان إلى غزوة تبوك فقال والله وفي نسخة زيادة أني لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه ثم أتى صلى الله تعالى عليه وسلم بذود غر الذري فأعطاه إياها فقال تغفلنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يمينه فرجع إليه فأخبره فقال ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم (والله لا أحلف على يمين) أي على عقد وعزم ونية قال الأنطاكي أي على شيء مما يحلف عليه وسمي المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين (فأرى غيرها) أي فعل غير المحلوف عليه يعني فاعلم أن تركها (خيرا منها) أي من بقائها (إلّا فعلت الّذي حلفت عليه) كترك حملانهم (وكفّرت عن يميني؛ وقوله) فيما رواه الشيخان عن أم سلمة (إنّكم تختصمون إليّ الحديث) تمامه ولعل بعضكم الحن بحجته من بعض فمن اقتطعت له من حق أخيه شيئا فكأنما اقتطع له قطعة من النار (وقوله عليه الصلاة والسلام) فيما رواه الأئمة الستة عن الزبير من أمره عليه الصلاة والسلام للزبير بن العوام أن يسقى نخله ولا يستوعب ثم يرسل الماء إلى جاره من الأنصار فقال الأنصاري إن كان ابن عمتك فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (اسق) بفتح الهمزة (يا زبير) أي نخلتك أو حديقتك (حتّى يبلغ الماء الجدر) بفتح الجيم وكسرها وسكون الدال المهملة وبالراء لغة في الجدار والمراد ههنا أصل الحائط كما ذكر النووي وقيل أصول الشجر وقيل جدر المشارب التي يجتمع فيها الماء في أصول الشجرة وفي نسخة الجدر بضمتين وهو جمع الجدار فاستوعب له عليه الصلاة والسلام بعد أن أمره أن يسقي بدون استيعاب رعاية لجاره (كما سنبيّن كلّ ما في هذا) أي الذي ذكرناه (مِنْ مُشْكِلِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالَّذِي بعده إن شاء الله مع أشباهها) أي نظائرها مما وقع في هذا الكتاب ويروى مَعَ أَشْبَاهِهِمَا (وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَذِبَ مَتَى عُرِفَ) أي صدوره (من أحد في شيء من الأخبار) ولو جزئيا وهو بفتح الهمزة ويروى في شيء والإخبار فهو بكسر الهمزة (بخلاف ما هو) متعلق بعرف حال من ضميره (على أيّ وجه كان) من المزاح ونحوه (استريب بخبره) بصيغة المجهول وكذا قوله (واتّهم في حديثه) وهو تفسير لما قبله قال أبو بكر لعمر رضي الله تعالى عنهما عليك بالرائب من الأمور وإياك والرائب منها أي الزم الصافي الخالص منها واترك المشتبه منها فالأول من راب اللبن يروب والثاني من رابه يريبه أي أوقعه في الشك ومنه قوله عليه الصلاة والسلام دع ما يريبك إلى ما لا يريبك بضم الياء وفتحها (ولم يقع قوله