خلافا للنجار من المعتزلة (فإنّه قال لا قدرة لهم) ويروى لا قوة لهم (على المعاصي أصلا) وهو بنون وجيم مشددة حسين بن محمد وإليه ينسب النجارية وهم اتباعه وهم يوافقون القدرية في بعض أصولهم من نفي الرؤية ونفي الحياة والقدرة ويقولون بحدوث الكلام والقدرية يكفرونهم بسبب مخالفتهم إياهم في بعض المسائل وهم أكثر من عشر فرق فيما بينهم كالبرغوثية والزعفرانية والمستدركية وغيرهم وهم فرقة من ثلاث وسبعين فرقة، (وأمّا الصّغائر فجوّزها) أي وجودها ووقوعها (جماعة من السّلف وغيرهم) من الخلف كإمام الحرمين منا وأبي هاشم من المعتزلة حيث جوزوا الصغائر غير المنفرة (عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ وغيره من الفقهاء) أي المجتهدين (والمحدّثين والمتكلّمين) أي في أصول الدين والمراد بعض من كل منهم، (وسنورد بعد هذا) أي في فصل الرد على من أجاز الصغائر على الأنبياء (ما احتجّوا به) أي ما استدلوا به من الأدلة، (وذهبت طائفة أخرى إلى الوقف) أي التوقف في أمرهم (وقالوا العقل لا يحيل وقوعها) أي الصغائر ولا الكبائر (منهم ولم يأت في الشّرع) أي من الكتاب والسنة (قاطع بأحد الوجهين) أي بجواز صدورها عنهم، (وذهبت طائفة أخرى من المحقّقين من الفقهاء والمتكلّمين إلى عصمتهم من الصّغائر) المختلف في وقوعها منهم (كعصمتهم من الكبائر) أي المتفق على عدم صدورها عنهم، (قالوا لاختلاف النّاس في الصّغائر) أي في تعريفها وتبيينها (وتعيينها) أي وعدم تمييزها (من الكبائر وإشكال ذلك) أي ولاشتباه تعينها من بين الكبائر فقال بعضهم هي كل ما يجب فيه حد وقيل ما ورد فيه وعيد وقيل هي أمر وتوقف بعضهم عن الفرق (وقول ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما) أي ولقوله (وَغَيْرِهِ إِنَّ كُلَّ مَا عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فهو كبيرة) كما رواه ابن جرير عنه (وأنّه) بفتح الهمز أي وأن الشأن (إِنَّمَا سُمِّيَ مِنْهَا الصَّغِيرُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا هو أكبر منه) كالمس والقبلة والمعانقة والمعالجة بالنسبة إلى المجامعة فكل باعتبار ما فوقه صغير وما تحته كبير وكلها معصية حتى الخلوة بالأجنبية (ومخالفة الباري في أيّ أمر كان يجب كونه كبيرة) أي من حيث إنها مخالفة لصاحب الكبرياء والعظمة وإلا فلا شبهة في تفاوت مراتب المخالفة ولذا قال تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وقال عز وجل الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ أي الصغائر وقد أنشد صلى الله تعالى عليه وسلم:
إن تغفر اللهم فاغفر جما ... وأي عبد لك لا ألما
وعن أبي العالية اللمم ما بين حد الدنيا وحد الآخرة أي بين ما يجب به الحد في الدنيا كشرب الخمر والزنا وبين ما أوعد الله عليه العقاب في العقبى كعقوق الوالدين وأكل الربا وأموال اليتامى ظلما؛ (قال القاضي أبو محمد عبد الوهّاب) أي البغدادي المالكي صاحب الرحبة كان فقيها دينا له تصانيف جيدة العبارة منها كتاب المعونة في شرح الرسالة توفي