عليهم الصّغائر) أي فضلا عن الكبائر (لم يمكن الاقتداء بهم في أفعالهم) لعدم علمنا بمقاصدهم وأحوالهم، (إذ ليس كلّ فعل من أفعاله) أي كغيره منهم ويروى من أفعالهم (يتميّز مقصده) بكسر الصاد أي مطلبه أو قصده كما في نسخة أي نيته ومستور طويته (به) أي بعمله الذي قصده أهو (من القربة) واجبا أو ندبا (أو الإباحة) مما لا يترتب على فعله مدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب (أو) من (الحظر) أي المنع حراما أو مكروها أو خلاف الأولى (أو المعصية) أي المخالفة في الجملة ويروى والمعصية، (وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤْمَرَ الْمَرْءُ بِامْتِثَالِ أَمْرٍ لعلّه معصية لا سيّما) أي خصوصا (عند من يرى من الأصوليّين) أي في الفقه (تقديم الفعل) من الأدلة (على القول إذا تعارضا) وجهل المتأخر منهما وهم أصحاب الشافعي فأما عندنا فيرجح القول على الفعل لأنه أدل على كونه للقربة لاحتمال أن الفعل وقع وفق العادة أو بحسب ما يناسب تلك الحالة ولذا قال اصحابنا إن الاعتمار من التنعيم أفضل منه من الجعرانة خلافا للشافعية مع أن عمرة عائشة كانت متأخرة حيث وقعت عام حجة الوداع وعمرة الجعرانة كانت سنة الفتح، (ونزيد) أي نحن (هذا) المبحث (حجّة) أي تزيل شبهة من زعم عدم إمكان الاقتداء بالأنبياء لإبهام أفعالهم من بين ما سبق من الأشياء (بِأَنْ نَقُولَ مَنْ جَوَّزَ الصَّغَائِرَ وَمَنْ نَفَاهَا عن نبيّنا عليه الصلاة والسلام) وكذا عن سائر الأنبياء عليهم السلام (مجمعون على أنّه) أي كغيره منهم (لا يقرّ) بضم ياء وفتح قاف وتشديد راء وأخطأ الحلبي في قوله يقر بكسر القاف وتبعه غيره من المحشيين وقال الأنطاكي أي لا يقر غيره على منكر والصواب ما قدمناه وأن المعنى لا يبقى ولا يترك (على منكر من قول أو فعل) بل ينبه ويذكر لينتهي عنه ولم يتكرر واختلفوا هل من شرط ذلك الفور أم يصح على التراخي قبل وفاته عليه الصلاة والسلام والصحيح الأول (وأنّه) أي النبي عليه الصلاة والسلام (متى رأى شيئا) أي علم من أمته قولا أو فعلا (فسكت عنه صلى الله تعالى عليه وسلم عنه) أي لم ينكر على فاعله (دلّ) سكوته (على جوازه) ويسمى مثل هذا تقريرا (فكيف يكون هذا) التقرير (حاله في حقّ غيره ثمّ يجوّز) مضارع جاز وفي نسخة بصيغة المفعول من التجويز وفي أخرى بصيغة المتكلم منه والمعنى كيف يتصور (وُقُوعُهُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ وَعَلَى هَذَا الْمَأْخَذِ) أي المذكور سابقا (تجب عصمته مِنْ مُوَاقَعَةِ الْمَكْرُوهِ كَمَا قِيلَ وَإِذِ الْحَظْرُ) أي المنع عن ترك الاقتداء على وجه الحرمة وكان الأظهر أن يقول إذ الوجوب (أَوِ النَّدْبُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِفِعْلِهِ يُنَافِي الزَّجْرَ والنّهي عن فعل المكروه) أي لغيره؛ (وأيضا فقد علم من دين دين الصّحابة) أي دأبهم وعادتهم (قطعا الاقتداء بأفعال النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم كيف توجّهت وفي كلّ فنّ) وفي نسخة وفي كل فن أي ومن دينهم الاقتداء بأفعاله في كل فن أي نوع من أفعاله قصدا أو سهوا من غير تفرقة بين فعل من أفعاله (كالاقتداء بأقواله) أي اتفاقا (فقد نبذوا خواتيمهم) أي طرحوها (حين نبذ خاتمه) بكسر التاء وفتحها على ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه عليه الصلاة والسلام اتخذ له خاتما من ذهب ثم نبذه فاقتدوا به وروي أنه عليه