للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم الشهوة لكن النبوة موجودة فلم يهم هم المعصية وحذف هم في جواب لولا لدلالة همت عليه من قبلها (فعلى مذهب كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ أَنَّ هَمَّ النَّفْسِ) أي خاطرها (لا يؤاخذ به) أي وإن صمم عليه (وليست سيّئة) إلا صورة (لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم عن ربّه) أي حاكيا عنه في الحديث القدسي والكلام الأنسي (إذا همّ عبدي بسيئة فلم يعملها) أي وتركها خوفا مني فلم يثبت عليها ظاهرا وباطنا من أجلي (كتبت له حسنة) بصيغة المجهول ويجوز أن يكون بصيغة الفاعل والمعنى أمرت بأن يكتب لَهُ حَسَنَةٌ (فَلَا مَعْصِيَةَ فِي هَمِّهِ إِذًا) أي حينئذ (وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ فإنّ الهمّ إذا وطّنت) بضم الواو وتشديد الطاء المكسورة أي إذا استقرت (عَلَيْهِ النَّفْسُ سَيِّئَةٌ وَأَمَّا مَا لَمْ تُوَطَّنْ عَلَيْهِ النَّفْسُ مِنْ هُمُومِهَا وَخَوَاطِرهَا فَهُوَ الْمَعْفُوُّ عنه وهذا) القول الثاني (هو الحقّ) أي الصواب جملة معترضة بين أما وجوابها (فيكون إن شاء الله هم يوسف عليه السلام) أي إن كان هم الشهوة (من هذا القبيل) كما هو اللائق بالأنبياء من حسن الظن في أحوالهم (ويكون قوله: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي [يوسف: ٥٣] ) أي من التقصير والزلة ولا أزكيها بكمال النظافة والظهارة (الآية) أي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أي لكثيرة الأمر بما يسوء الإنسان في جميع الأزمان إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي أي من رحمة أو وقت رحمة ربي فإنه يعصم من خطراتها ووساوسها وتكدراتها وهواجسها أي ربي لغفور لمن فرط في خدمته من عباده رحيم بمن أحسن في طاعته من عباده (أي ما أبرّئها من هذا الهمّ) المورث للغم (أو) وفي نسخة (ويكون ذلك) القول (منه على طريق التّواضع) في ساحة الربوبية (والاعتراف بمخالفة النّفس) في زاوية العبودية (لما) وفي نسخة بما (زكّي قبل وبرّىء) بصيغة المجهول فيهما أي لما زكته النسوة وبرأته قبل ذلك وشهدن له بالعصمة هنالك (فكيف) أي لا يأول على طريق يعول (وقد حكى أبو حاتم) أي الرازي السختياني الحنظلي وهو الإمام الحافظ الكبير أحد الاعلام ولد سنة تسع وخمسين ومائة ومات بالبصرة وسمع محمد بن عبد الله الأنصاري والاصمعي وأبا نعيم وغيرهم وحدث عنه يونس بن عبد الاعلى وابو داود والنسائي وجماعة قال الدارقطي ثقة وأما ابنة عبد الرحمن فله تفسير جليل وله حال جميل (عن أبي عبيدة رحمه الله) وهو معمر بن المثنى (أنّ يوسف لم يهمّ) أي أصلا وهو بضم الهاء والميم ويفتح ويكسر (وَأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَيْ وَلَقَدْ همّت به) أي وتم الكلام بِهِ (وَلَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ لَهَمَّ بها) وإنما قال بالتقديم والتأخير لأن جواب لولا لم يتقدم عليها في الأصح (وقد قال الله تبارك وتعالى عن المرأة) وهي زليخا أو راعيل (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ) أي طالبته أن يجامعني وقصدت منه أنه يواقعني (فَاسْتَعْصَمَ [يوسف: ١٣٢] ) أي امتنع وتصمم ولم يقع منه ميل ولا هم (وقال تعالى كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ) أي الصغيرة وهي نحوا لهم (وَالْفَحْشاءَ [يوسف: ٢٤] ) أي الكبيرة وهي الزنى (وقال تعالى: وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) اهتماما للأسباب ومبالغة في الستر والحجاب (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) فيه قراءات

<<  <  ج: ص:  >  >>