للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قبح المقام، (ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابن آدم مجرى الدّم) بنفوذه في المنافذ الضيقة للوساوس الخفية وفي النهاية المراد من قوله يجري مجرى الدم أنه يتسلط عليه وتسري وساوسه في العروق مجرى الدم لا أن يدخل جوفه (وإنّي خشيت أن يقذف) أي يلقي ويرمي (في قلوبكما شيئا) وفي رواية شرا (فتهلكا) قال الخطابي خشي صلى الله تعالى عليه وسلم عليهما الكفر لو ظنا تهمة برؤيته معه امرأة أجنبية فبادر إلى اعلامهما بمكانها نصيحة لهما في حق الدين قبل أن يقعا في امر يهلكان به انتهى وفي هذا إيماء إلى عصمة الأنبياء عليهم السلام من مقارفة السوء والفخشاء. (هذه) أي الفائدة الجلية وهي ما ذكر من احتياطه عليه الصلاة والسلام للرجلين في هذه القضية (أكرمك الله) تعالى جملة معترضة بين المبتدأ والخبر وهو (إِحْدَى فَوَائِدِ مَا تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الفصول) السالفة من تعظيم ارباب النبوة وأصحاب الرسالة تحذيرا من أن يعتقد بهم ما لا يليق بكريم مناقبهم لأجل جهالته بعصمتهم وغفلته عما يجب لهم ويجوز ويمتنع من حالتهم (ولعلّ جاهلا) أي عن مراتب العلم غافلا (لا يعلم بجهله) أي يجهل كونه جاهلا ويسمى جهلا مركبا (إذا سمع شيئا منها) أي من تنزيهات الأنبياء عليهم السلام ويروى من هذا أي مما ذكر (يرى) أي يظن (أنّ الكلام فيها) ويروى فيه (جملة) أي بجملتها أو مجملة (من فضول العلم) أي زوائده وهو خبر أن (وأنّ) ويروى أو أن (السّكوت أولى) من التعرض لذكره (وقد استبان لك أنّه) أي الكلام في عصمتهم عليهم السلام (متعيّن) أي واجب معرفته على أهل الإسلام (للفائدة الّتي ذكرناها) مع فوائد أخر في هذا المقام كما بينه بقوله (وفائدة ثانية يضطرّ) بصيغة المجهول أي يحتاج (إِلَيْهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَيُبْتَنَى عَلَيْهَا مَسَائِلُ) متفرعة عنها (لا تنعدّ) لكثرتها وهي لغة رديئة في لا تعد ذكرها الدلجي وفي حاشية التلمساني لا تبعد من البعد ومعناه قريبة تبنى عليها المسائل (من الفقه) وروى لا تتعدد تفعل من العدد ومعناه مسائل كثيرة لا يحصرها العد ومن الفقه على الاول معمول لا تنعد وهو الأظهر أو مسائل ولا تنعد صفة وعلى الثاني عامله هو المسائل فقط ولا يصح تتعدد لفساد المعنى (ويتخلّص) بصيغة المجهول أي ويحصل الخلاص (بها من تشغيب مختلفي الفقهاء) أي تهييجهم الشر والفتنة والخصوصة (في عدّة منها) أي من المسائل (وهي) أي الفائدة المضطر إليها في أصول الفقه وغيره (الحكم في أقوال النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي جنسه أو خصوصه (وَأَفْعَالِهِ وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ وَأَصْلٌ كَبِيرٌ مِنْ أصول الفقه) لابتناء كثير من أحكام الشريعة عليها وتفرعها عنها (ولا بدّ من بنائه) أي الأصل الكبير (على صدق النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في أخباره) بكسر الهمزة أو فتحها (وبلاغه) أي تبليغه وهذا تخصيص بعد تعميم (وأنّه لا يجوز عليه السّهو فيه) أي في إبلاغ ما أمر تبليغه (وعصمته من المخالفة في أفعاله عمدا) احتراز من وقوعها سهوا (وبحسب اختلافهم) بفتح السين وأبعد الحلبي فقال هنا بإسكانها (في وقوع الصّغائر) من جواز صدورها وعدمه من الأنبياء (وقع خلاف) وفي نسخة اختلاف (في امتثال الفعل) أي بمجرد صدوره

<<  <  ج: ص:  >  >>