اللام يراد بهما هاروت وماروت وما موصولة وبكسر اللام يراد بهما داود وسليمان عليهما اللام وما نافية وكذا إذا فسر الملكين بفتح اللام بجبريل وميكائيل يكون ما نافية فارتفع الخلاف في المرام واجتمع نظام الالتئام (وممّا يذكرونه) أي الطائفة القائلة بعدم عصمة جميعهم ويستدلون به (قصّة إبليس) ويروى من قصة إبليس (وإنه كان من الملائكة) على زعمهم (ورئيسا فيهم) وفيه أنه لا يلزم من كونه رئيسا فيهم أنه في أصله منهم (ومن خزّان الجنّة) بضم الخاء وتشديد الزاء أي خزنتها (إلى آخر ما حكوه) وليس فيه دلالة على ما ادعوه (وأنه) أي الله سبحانه وتعالى (اسْتَثْنَاهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِقَوْلِهِ: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ [البقرة: ٣٤] ) والأصل في الاستثناء أن يكون متصلا إلا أنه قيل بانقطاعه لقوله تعالى كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ وبأن الملائكة ليس لهم ذرية وقال تعالى أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ والملائكة ليس هم اعداء لنا (وهذا) وروي وهو أي القول بأنه من الملائكة (أيضا) قول طائفة قليلة (لم يتّفق عليه) بين العلماء (بل الأكثر منهم ينفون ذلك) القول بأنه منهم (وأنه أبو الجنّ) عندهم على الصحيح (كما آدم أو الإنس وهو) أي القول بأنه أبو الجن (قول الحسن وقتادة وابن زيد) وإنما استثنى منهم لأنه كان مغمورا بين الوف منهم فأمر بالسجود لآدم معهم ثم استثنى استثناء واحد منهم بقوله فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ والحاصل أنه استثناء متصل مجازا أو منقطع حقيقة ولا يبعد أن يقال جمعا بين الأقوال أنه كهاروت وماروت كان من جنس الملائكة لكن الله سبحانه وتعالى خلق في جبلته المعصية فتغير عن حالته الأصلية فخالف أمر الالهي في السجدة الصورية فانتقل إلى الخلقة الجنية وحصلت منه الذرية، (وقال شهر بن حوشب) بفتح الحاء المهملة فواو ساكنة فشين معجمة مفتوحة فموحدة يروي عن مولاته اسماء بنت يزيد وعن ابن عباس وأبي هريرة وعنه مطر الوراق وثابت وثقه ابن معين وأحمد وضعفه شعبة وقال النسائي ليس بالقوي توفي سنة مائة أخرج له الأربعة (كان) أي إبليس (مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ طَرَدَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ فِي الْأَرْضِ حين أفسدوا) يعني، (والاستثناء) بقوله إِلَّا إِبْلِيسَ منقطع لأنه من غير الجنس المستثنى هو منه وهو أي الاستثناء (مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ) نظما ونثرا (سائغ) بسين مهملة وغين معجمة أي جائز من ساغ الشراب في الحلق إذا جاوزه بسهولة وفي نسخة زيادة وشائع بشين معجمة وعين مهملة أي فاش ذائع من شاع الخبر إذا ذاع ومنه كل سر جاوز الاثنين شاع (وقد قال الله تعالى) تكذيبا لمن زعم قتل عيسى (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ [النساء: ١٥٧] ) لأن اتباعه ليس من جنس العلم فهو استثناء منقطع أي ولكنهم اتبعوا فيه ظنهم (وممّا رووه) أي الطائفة القائلة بعدم عصمة جنس الملائكة (في الأخبار) كابن جرير عن ابن عباس وابن أبي حاتم عن يحيى بن كثير (أن خلقا من الملائكة عصوا الله تعالى فحرّقوا) أي أحرقوا (وَأُمِرُوا أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ فَأَبَوْا فَحُرِّقُوا ثُمَّ آخرون كذلك حتّى سجد له) أي لآدم (من ذكر الله) أي جميع الملائكة (إِلَّا إِبْلِيسَ فِي أَخْبَارٍ لَا أَصْلَ لَهَا)