يستحقّه من مسلم، وهذا معنى صحيح) وفي المدعي صريح لا ينبغي أن يفهم منه غيره؛ (وَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ البشر أنّ الغضب) الذي يعتري ابن آدم من ثوران الدم وهو من خصال تذم (حمله على ما لا يجب) أي لا ينبغي أن يفعله (بل يجوز أن يكون المراد بهذا) الذي ذكر مِنْ قَوْلِهِ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ (أَنَّ الغضب لله تعالى) هو الذي (حمله على معاقبته بلعنه أو سبّه) أو ضربه إذ ورد كما مر أنه ما انتقم رسول الله لنفسه قط إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَيَنْتَقِمُ له وقد قال له صحابي أوصني يا رسول الله فقال لا تغضب وكلما أعاد السؤال أجاب له بهذا الجواب فلا يتصور أنه ينهى آحاد أمته عن الغضب وهو على منوالهم يغضب (وأنّه) أي غضبه عليه الصلاة والسلام (ممّا كان يحتمل) تحمله من الخلق تواضعا مع الحق واختيارا لصفة الحلم الناشىء عن كمال العلم (ويجوز عفوه) عليه الصلاة والسلام (عنه) أي عن من عاقبه بلعن أو غيره من الإيلام (أو كان) ذنب المغضوب عليه (مِمَّا خُيِّرَ بَيْنَ الْمُعَاقَبَةِ فِيهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ) وفي نسخة أو العفو عنه ولكنه كان قد اختار المعاقبة لما رأى فيها من الحكمة والمصلحة، (وقد يحمل) أي دعاؤه عليه الصلاة والسلام لمن عاقبه (أنّه خرج مخرج الإشفاق) أي إظهار الشفقة أو الخوف على من عاقبه بلعن أو غيره (وَتَعْلِيمِ أُمَّتِهِ الْخَوْفَ وَالْحَذَرَ مِنْ تَعَدِّي حُدُودِ الله تعالى) شفقة منه عليهم أن يعاقب أحدا منهم واحتراسا لهم مما يصدر عنهم (وَقَدْ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ دُعَائِهِ هُنَا) أي في مواضع المعاقبة ومقام الغضب طلبا لرضى الرب (ومن دعواته على غير واحد) أي على كثيرين (في غير موطن) أي في مواضع كثيرة (على غير العقد) أي عقد القلب بالعزم (والقصد) أي قصد المعاقبة بالجزم (بل) كانت صادرة منه من غير الغضب (بما جرت) أي على وفق ما جرت (به عادة العرب) حيث لا يريدون وقوع الأمر وإنما يقصدون به الأدب أو الملاطفة في مقام الطلب إذ قد يشنعون اللفظ وكله ود وينفونه وما من فعله بد يقولون للشيء إذا مدحوه قاتله الله ولا اب له ولا أم له ولا يريدون به الذم وفي الحديث ويل أمه مسعر حرب فلك أن تنظر إلى القول وقائله والقرينة الدالة على حاله ومآله بحسب اختلاف شمائله فإن كان وليا فهو الولاء وإن خشن وإن كان عدوا فهو البلاء وإن حسن فضرب الحبيب حلو كالزبيب بخلاف دعاء الرقيب (وليس المراد بها) أي بدعواته عليه الصلاة والسلام غلى غير واحد من الصحابة الكرام (الإجابة كقوله عليه الصلاة والسلام) فيما رواه الشيخان لعائشة وفي رواية لأم سلمة (تربت يمينك) بكسر الراء أي خشرت وقيل امتلأت ترابا وقيل استغنت والظاهر أن أتربت بمعنى استعنت على أن الهمزة للسلب وروي يدك ويداك، (ولا أشبع الله بطنك) قاله لمعاوية لكن بلفظ لا أشبع الله بطنه كما في نسخة هنا وهو في مسلم في كتاب الأدب من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فتواريت خلف باب فجاء فخطاني خطوة وقال اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله