اليأس) من رحمة الله تعالى في الدنيا (والقنوط) في العقبى وهو بضم القاف أشد اليأس؛ (وقد يكون ذلك) الدعاء (سؤالا منه) أي من النبي عليه الصلاة والسلام (لربّه) جل جلاله وعز كماله (لمن جلده) أي ضربه (أو سبّه) أي شتمه أو لعنه (على حقّ) أي أمر يستحقه (وبوجه صحيح) وفق شرعه (أن يجعل ذلك) الجلد ونحوه (له كفّارة لما أصابه) من الذنوب (وتمحية) مصدر محى مشددا للمبالغة أي وكثرة محو (لما اجترم) أي اكتسبه من العيوب وفيه أنه يأباه ظاهر رواية ليس لها بأهل اللهم إلا أن يقال ليس للعقوبة بأهل على جهة الدوام بأن يكون من أهل الإسلام (وَأَنْ تَكُونَ عُقُوبَتُهُ لَهُ فِي الدُّنْيَا سَبَبَ العفو) عن تقصيراته (والغفران) لسيئاته في العقبى (كما جاء في الحديث الآخر) مما رواه الشيخان عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم ليلة العقبة بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفي منكم بذلك فأجره على الله (وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ) أي فجوزي به (في الدّنيا فهو كفّارة له) وفي نسخة فهو له كفارة أي في العقبى وتمام الحديث ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه (فإن قلت فما معنى حديث الزّبير) أي ابن العوام أحد العشرة المبشرة (وقول النّبيّ) أي وما معنى قوله (صلى الله تعالى عليه وسلم له) أي للزبير (حين تخاصمه) بصيغة المصدر أي وقت تنازعه واختلافه (مع الأنصاريّ) أي المنسوب إلى الأنصار فإنه قيل إنه كان منافقا فهو من نسبهم لا من حسبهم وقيل غير ذلك واختلف في تعيين قائله هنالك (في شراج الحرّة) بكسر الشين المعجمة جمع شرجة وهي مسيل الماء إلى السهل من الحرة وهي موضع من المدينة فيه حجارة سود (اسق) أي حديقتك وهو بكسر همزة الوصل أو بفتح همزة القطع (يَا زُبَيْرُ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ فَقَالَ لَهُ الأنصاريّ أن) وفي نسخة أنه (كان يا رسول الله ابن عمّتك يا رسول الله) وهو علة لقوله اسق أي حكمت للزبير لأجل أن كان ابن عمتك وهي صفية بنت عبد المطلب وقيل الرواية بمد الهمزة بناء على أنه بهمزتين والثانية ومنهما مبدلة ممدودة وهو وجه من الوجوه في اجتماع الهمزتين للقراء السبعة ورواتهم (فتلوّن) أي فتغير حيث احمر واصفر (وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) غضبا لله وتنزيها لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم مما نسب إليه (ثمّ قال اسق يا زبير) أي حديقتك كما ذكر (ثمّ احبس) الماء وامنعه عن غيرها أو اصبر على جريانه (حتّى يبلغ الجدر) أي جدر الحديقة أو أصول الكرم وهو بفتح الجيم وسكون الدال المهملة وروي بضم أوله جمع جدار وبذال معجمة من جذر الحساب بالفتح أو الكسر أراد به مبلغ تمام التقي استيفاء لحق الزبير رضي الله تعالى عنه (الحديث) بطوله والمقصود حل مشكله (فالجواب أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم منزّه أن) وفي نسخة عن أن (يقع بنفس مسلم) أي في خاطره (منه) أي من جهة أمره عليه الصلاة والسلام (في هذه القصّة) وفي نسخة القصة (أمر يريب) بضم أوله وفتحه أي شيء يوقع في