للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتبس منه ويستضاء به، (لكنّه عليه السّلام أشفق) أي خاف مقام ربه (إذ كان حظ نفسه) وفي نسخة حق نفسه والجملة تعليلية اعتراضية بين اشفق ومتعلقه أعني (من الأمر) أي لأجل أمر ضربه (حتّى عفا عنه) الأعرابي غاية لطلبه الاقتصاص منه والحاصل أن اقتصاصه إنما كان لكمال خوفه من ربه حيث كان ظاهر ضربه على صورة حظ نفسه مع ما يتضمنه من تعليم أمته عدم المسامحة والمساهلة في حقوق العباد قبل يوم المعاد (وأما حديث سواد) بفتح السين المهملة وتخفيف الواو (ابن عمرو) أي ابن عطية الأنصاري رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة وابن سعد وعبد الرزاق في جامعه عن الحسن (أتيت النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) وقال ابن عبد البر سوادة بزيادة تاء ابن عمرو الأنصاري ويقال سواد بن عمرو وحديثه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أقاده من نفسه روى عنه الحسن ومحمد بن سيرين أنه قال اتيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (وأنا متخلّق) أي متلطخ بالخلوق من الطيب يقال خلقه تخليقا طيبه فتخلق كما في القاموس (فقال عليه الصلاة والسلام ورس ورس) وهو نبت أصفر يصبغ به ومعناه التهديد في النهي عن لبسه أو تطيبه وكرر للتأكيد كقوله (حطّ حطّ) بضم الحاء وتشديد الطاء المهملتين أي ضع عنك هذا بلبس غيره أو بغسله ويجوز في طائه الحركات الثلاث لأنه أمر مضاعف كمد فيجوز الفتح للخفة والضم للاتباع والكسر للأصل في تحريك الساكن أما قول الحلبي الظاهر إن هذا أمر بالحط وكذا رأيته مضبوطا بحط بإسكان الطاء فسهو قلم منه فإنه إذا كان الأمر بالحط فالإسكان خطأ في الخط هذا وقال التلمساني وروي بسكون سين ورس وفتح طاء حط ساكنين وروي بتنوين السين وسكون الطاء انتهى وخلله مما لا يخفى نعم وجه السكون هو الوقوف ومحله الرفع على أنه خبر مبتدأ مقدر أي أهذا ورس أو بفعل محذوف أي أيفعل ورس يعني يصبغ به ويلبس وأما على التنوين فظاهر إعرابهما قال التلمساني ولعله كان محرما فنهاه عنه لانه لا يلبسه المحرم أقول لبس الأصفر والأحمر مكروه عندنا مطلقا وكذا التطيب بطيب فيه لون لأنه تشبه بالنساء وقال الدلجي الخلوق طيب مركب من زعفران وغيره وقد ورد الخبر بإباحته وبالنهي عنه وهو أكثر والظاهر أنه ناسخ لاباحته لأنه من طيب النساء وهن أكثر استعمالا له (وغشيني) وفي نسخة فغشيني أي فلحقني (بقضيب في يده) أي موقعا ضربه (في بطني فأوجعني) ولعله كان بعد امتناعه عن امتثال الأمر واجتناب النهي ثم رأيت في حاشية الشمني أنه روي عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه نهى عن الخلوق مرتين أو ثلاثا وأنه رآه متخلقا فطعنه في بطنه بجريدة في يده، (قلت القصاص) بالنصب مفعول لمحذوف نحو اسألك أو أطلب منك (يا رسول الله) ولعله ظن أنه عليه الصلاة والسلام ضربه بغير ما يستحقه من الآثام؛ (فكشف لي عن بطنه) تواضعا لربه وتنزلا مع قومه (إنّما) جواب أما فحقه أن يقول فإنما (كان ضربه إياه) وفي نسخة إنما ضربه النبي عليه الصلاة والسلام (لمنكر رآه به) وفي نسخة رآه عليه وقد نهاه عنه وهو على حاله (وَلَعَلَّهُ لَمْ يُرِدْ بِضَرْبِهِ بِالْقَضِيبِ إِلَّا تَنْبِيهَهُ) بضرب لطيف في مقام

<<  <  ج: ص:  >  >>