للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة ولم تكن لفقين يشتمل بها وروي في ملائه بفتحتين مقصورا أي جماعته وقومه (حتّى لا يبدو) أي لا يظهر (منه شيء من أطرافه) أي أعضائه من ساق وقدم وساعد ونحوها من كمال أدبه ووقاره وجمال حيائه وانكساره وتواضعه لربه وافتقاره وليتأدب أصحابه بشعاره ودثاره (حتّى كأنّ) بتشديد النون (على رؤوس جلسائه الطّير) من كمال سكوتهم وسكونهم ووقارهم في قرارهم لأن الطير لا يقع إلا على ساكن (ويتحدّث مع جلسائه بحديث أوّلهم) أي بحكاية أوائلهم وما جرى لهم تأنسا بمقالهم وتلطفا بحالهم أو بحديث أوله متكلم منهم فيبني عليه كلامه إلى أن ينتهي مرامه أو يتحدث مع آخرهم بحديث أولهم من جهة النشاط وطريق الانبساط من غير انقياض عن بعضهم وملالة وكلالة في آخر أمرهم ولفظ الترمذي حديثهم عنده كحديث أولهم (ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه) استجلابا لخواطرهم (ويضحك ممّا يضحكون منه) في عجائب أخبارهم وغرائب آثارهم (وقد وسع النّاس) أي جميعهم (بشره) بكسر فسكون أي طلاقة وجهه وبشاشة حديثه (وعدله) أي وكذا وسعهم عدله في حكمهم أو اعتداله في أمرهم (لا يستفزّه الغضب) أي لا يستخفه ولا يزعجه ولا يخرجه عن مقام الأدب مع أن غضبه كان للرب (ولا يقصّر عن الحقّ) بل يقوم به غاية القيام (ولا يبطن) بضم الياء وكسر الطاء أي لا يضمر (على جلسائه) خلاف ما يظهره (يقول) شاهدا لأمره (ما كان لنبي أن يكون له خائنة الأعين) وقد تقدم ما يتغلق به مبنى ومعنى وتفصيل هذه الفضائل ذكرته في شرح الشمائل (فَإِنْ قُلْتَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِعَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها) كما رواه الشيخان (في الدّاخل عليه) وهو عتبة بن حصين الفزاري قبل أن يسلم أو مخرمة بن نوفل القرشي ولا يبعد تعدد القضية (بئس ابن العشيرة) وفي نسخة هو وفي رواية أو أخو العشيرة كما في رواية الترمذي على الشك وأما رواية البخاري بئس ابن العشيرة وأخو العشيرة أي إنما قاله حين استأذن في الدخول عليه (فلمّا دخل ألان له القول) أي لين له الكلام (وضحك معه) في المقام وفي رواية البخاري تطلق في وجهه وانبسط إليه، (فلمّا خرج سألته) أي عائشة (عن ذلك) ولفظ الترمذي فلما خرج قلت يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له القول (فقال) يا عائشة متى عهدتني فحاشا (إنّ من شرّ النّاس) وفي رواية أن شر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة (من اتّقاه النّاس لشرّه) وفي رواية من تركه الناس اتقاء فحشه وفي رواية اتقاء شره (وَكَيْفَ جَازَ أَنْ يُظْهِرَ لَهُ خِلَافَ مَا يبطن) أي يضمر (ويقول في ظهره) أي في غيبته قبل أن يدخل في حضرته (ما قال) في مواجهته (فالجواب أنّ فعله عليه الصلاة والسلام) أي ضحكه والإنة قوله له (كان استئلافا) أي مداراة له وتألفا (لمثله) من اجلاف العرب وعتاتهم في مقام الأدب (وتطييبا لنفسه ليتمكّن إيمانه) في باطن قلبه (ويدخل في الإسلام بسببه) أي بسبب اتباعه (أتباعه) أي قومه وأشياعه (ويراه مثله) في الجفاوة والقساوة (فينجذب) أي ينقاد (بذلك إلى الإسلام) وقبول الأحكام، (ومثل هذا) الاتقاء (على هذا الوجه) أي وجه الاستئلاف (قد خرج من حدّ مداراة الدّنيا) أي مدارة الأمور الدنيوية (إلى السّياسة الدّينيّة) أي انتقل منها إليها

<<  <  ج: ص:  >  >>