(عجّل له العقوبة) أي بما يكون كفارة له (فِي الدُّنْيَا؛ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ) أي السوء الكامل في العقبى (أمسك عنه بذنبه) أي من غير أن يكفر بشيء يكون بسببه (حتّى يوافي) بكسر الفاء وفتحها أي حتى يأتي أو يؤتى (به) أي بذنبه وافيا والمعنى يجازى به (يوم القيامة) وسبب وروده أن رجلا اصاب ذنبا من قبله أو غيره فاتبع بصره الشخص فأصابه حائط في وجهه فأقبل وهو ينضح دما فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذا أراد الله تعالى الحديث (وفي حديث آخر) رواه الديلمي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا ابْتَلَاهُ لِيَسْمَعَ تَضَرُّعَهُ) أي تذلله في أنينه وشكواه وخضوعه وبكاه (وحكى السّمرقنديّ) أي أبو الليث (أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تعالى كان بلاؤه أشدّ) من بلاء غيره (كي يتبيّن) أي ليظهر (فضله) على غيره (ويستوجب الثّواب) بقدره (كما روي عن لقمان) واختلف في نبوته (أنّه قال) لابنه واختلف في اسمه (يا بنيّ) بفتح الياء وكسرها لغتان وقراءتان (الذّهب والفضّة يختبران) بصيغة المجهول أن يمتحنان (بالنّار) فينظفان من وسخهما (والمؤمن يختبر بالبلاء) فيظهر من دنسه وخبثه، (وقد حكي أن ابتلاء يعقوب بيوسف) أي بفقده (كان سببه التفاته في صلاته إليه وهو) أي يوسف كما في نسخة (نائم) لديه (محبّة له) أي غيرة الهية عليه وأغرب الدلجي في قوله ولا أقول بأن هذا سببه لنزاهته عليه الصلاة والسلام عن قطعه به كمال إقباله على ربه فيها انتهى وغرابته لا تخفى وروي في سبب ابتلائه عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى أوحى إليه اتدري لم فرقت بينك وبين ولدك يوسف قال لا قال لقولك لإخوته أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ لم خفت عليه الذئب ولم ترجني ولم نظرت إلى غفلة إخوته ولم تنظر إلى حفظي، (وقيل بل اجتمع) أي يعقوب (يوما هو وابنه يوسف) وأغرب الدلجي بقوله يوسف مفعول معه (على أكل حمل) بفتح المهملة والميم وهو الجزع من الضأن له سنة أو أقل (مشويّ وهما يضحكان) جملة حالية أي والحال أنهما منشرحان منبسطان (وَكَانَ لَهُمْ جَارٌ يَتِيمٌ فَشَمَّ رِيحَهُ وَاشْتَهَاهُ وَبَكَى وَبَكَتْ لَهُ جَدَّةٌ لَهُ عَجُوزٌ لِبُكَائِهِ) شفقة منها عليه (وَبَيْنَهُمَا جِدَارٌ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ يَعْقُوبَ وَابْنِهِ) بجارهما ولعله وقع لتقصير يعقوب في تفحص حالهما في جميع أوقاته فاندفع اعتراض الدلجي على المصنف بأن الإنسان لا يؤاخذ بما لم يعلم سيما إذا لم يجب عليه (فعوقب) أي يعقوب كما في نسخة (بالبكاء أسفا) بفتحتين أي للحزن والتأسف (على يوسف) في جميع أوقاته (إِلَى أَنْ سَالَتْ حَدَقَتَاهُ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الحزن) اعترض الدلجي بأن قوله وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ يدفع قوله سألت حدقتاه وهو وهم فاحش إذ الحدقة محركة سواد العين كما في القاموس (فلمّا علم بذلك) أي ببكائهما (كَانَ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي عَلَى سطحه) أي فوق بيته (ألا) للتنبيه (من كان مفطرا) فقيرا أو غنيا (فليتغدّ) بالدال المهملة المشددة من الغداء وهو طعام أول النهار ويؤيده قوله مفطرا قال الحلبي وفي النسخة المعتمدة بالذال المعجمة وهو أبلغ منه بالمهملة انتهى وفيه ما تقدم (عند آل يعقوب)