بفتح الصاد أي بجعله على جذع مع مد باعه (بما شهد عليه) بصيغة المجهول (بِهِ مِنَ اسْتِخْفَافِهِ بِحَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) ولعل تفسير قوله (وتسميته إيّاه أثناء مناظرته) أي في خلال مجادلته في علم الكلام ومباحثته (باليتيم) احتقارا له (وختن حيدرة) بفتحتين أي أبي فاطمة زوج علي فإن حيدرة بدال مهملة لقب علي كرم الله تعالى وجهه وهو اسم الاسد في أصله وكان اسم علي قبل ذلك أسدا سمته أمه فاطمة بنت أسد باسم أبيها في أول ولادته وأبوه غائب فلما قدم من غيبته سماه عليا إيماء إلى رفعته وقيل حيدرة لقب له لحدارته وشدة حرارته وفي صحيح مسلم من إنشاد علي حين بارز مرحبا يوم خيبر أنا الذي سمتني أمي حيدره (وزعمه) أي ظن ابن حاتم ووهمه (أنّ زهده لم يكن قصدا) أي اختيارا بل كان عجزا واضطرارا (ولو قدر) بفتح الدال ويكسر أي لو تمكن (على الطّيّبات أكلها) وهذا جهل منه بحاله عليه الصلاة والسلام وبكماله في هذا المقام حيث خير بين أن يكون نبيا ملكا وبين أن يكون نبيا عبدا فاختار الفقر وقال أجوع يوما فأصبر وأشبع يوما فأشكر ليكون مظهرا لنعت الجلال ووصف الجمال على أن اختيار الله لعبده خير من اختيار العبد لنفسه وقد أكل الطيبات بلا شبهة كما يشير إليه قوله تعالى يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وإنما أراد الملعون الطعن في زهده والقدح في فقره مع أنه محل فخره تواضعا لربه وانكسارا في أمره (إلى أشباه لهذا) الاستخفاف والاستحقار في حقه مما يكفي أمر واحد منها في تكفيره وقتله، (وأفتى فقهاء القيروان) بفتح القاف والراء بلد معروف ومنهم أبو زيد (وأصحاب سحنون) بفتح السين وتضم ويصرف ولا يصرف (بقتل إبراهيم الفزاريّ) بفتح الفاء والزاء (وكان شاعرا متفنّنا) أي ماهرا (في كثير من العلوم) أدبية وعقلية لا شرعية ونقلية ولذا وقع في بلية جلية (وَكَانَ مِمَّنْ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الْقَاضِي أَبِي الْعَبَّاسِ بن طالب للمناظرة) في العلوم والمباحثة (فرفعت) أي أثبتت (عليه أمور منكرة من هذا الباب) أي باب الاستخفاف بعلي الجناب (في الاستهزاء بالله) أي بكتابه وانبائه (وأنبيائه) في مقام إيحائه (ونبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم) من عظمائه (فأحضر له) أي لأجل إبراهيم الفزاري (القاضي) وهو أبو العباس المذكور (يحيى ابن عمر وغيره) بالنصب على المفعولية (من الفقهاء وأمر) أي أبو العباس (بقتله وصلبه فطعن) بصيغة المجهول أي فضرب في بطنه (بالسّكّين) حتى هلك (وصلب منكّسا) رأسه لأسفل مدة (ثمّ أنزل) من صلبه (وأحرق بالنّار) في الدنيا قبل عذاب العقبى لزيادة السياسة، (وحكى بعض المؤرّخين أنه) أي إبراهيم الفزاري المصلوب بعد قتله (لمّا رفعت خشبته) التي صلب عليها (وزالت عنها الأيدي) الممدودة إليها (استدارت) أي الخشبة (وحوّله عن القبلة) أي عن جهة الكعبة إلى غيرها (فكان) تحويلها له عنها (آية للجميع) من الحاضرين (وكبّر النّاس) عليه من الأولين والآخرين؛ (وجاء كلب) في عقبة (فولغ) بفتح اللام وتكسر (في دمه) أي شرب بلسانه منه لعظم جرمه (فقال) أي القاضي (يَحْيَى بْنُ عُمَرَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم وذكر حديثا عنه عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ لَا يَلِغُ الْكَلْبُ فِي