للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذى الّذي) يجوز (لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ) لَمْ يعاقبه والصواب أنه عليه الصلاة والسلام فهم من الخطاب ما يستحق عليه العقاب لكنه كان مأمورا بالإعراض عنهم في مقام العتاب وإلا فكيف لا يفهم الطعن من قوله هذه قسمة ما أريد بها وجه الله نعم قوله أعدل قد يقال إنه أراد به التسوية اللغوية والعدالة العرفية ولكنه عليه الصلاة والسلام فهم أنه أراد العدالة الشرعية فقال له ويلك من يعدل إن لم أعدل وقال في آخر الحديث يخرج من ضئضىء هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين الحديث فكان كما أخبره عليه الصلاة والسلام وقتل على يد علي رضي الله تعالى عنه في النهروان وهو رئيس الخوارج وأهل الخذلان (وكذلك) أي وكما قيل فيمن تقدم من الاعتذار (يقال في اليهود إذ قالوا) بدل السلام (السّام) أي عليكم كما في نسخة (ليس فيه صريح) وفي نسخة تصريح (سبّ) أي شتم (ولا دعاء) أي عليه بذم (إلّا) أي لكن دعاء عليه (بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْمَوْتِ الَّذِي لا بدّ) أي لا محالة ولا مفارقة (من لحاقه جميع البشر) بل كل ذي روح من الخلق كما صح في الخبر وفيه أن مثل هذا يسمى من باب الدعاء على المقول فيه بحسب العرف والعادة لأنه يراد به الإنشاء لا الإخبار بما سيقع من الحالة وهذا المعنى الذي فهمته عائشة رضي الله تعالى عنها وهي من الفصحاء والبلغاء ومن أهل بيت الفهم والحذاقة والعلم والفطانة (وقيل بل المراد تسأمون دينكم) أي تملونه وتتركونه (والسّأم) بهمزة ساكنة (والسّامة) بهمزة ممدودة (الملال والملالة) قال الدلجي والرواية بل همز لاختلاف صيغتيهما واوا وهمزا انتهى وأراد أنه لا يصح هذا المعنى من ذلك المبنى والصواب أنه لا مخالفة بين الرواية والدراية لأن الهمزة الساكنة كثيرا تبدل ألفا (وهذا دعاء على سآمة الدّين) أي في قلوب المؤمنين (ليس بصريح سبّ) أي شتم لكنه متضمن لعيب وذم (ولهذا) أي ولكونه ليس بصريح سب (ترجم البخاري على هذا الحديث باب) بالرفع منونا (إذا عرّض) بتشديد الراء أي لوح (الذّميّ أو غيره) وفي نسخة وغيره أي المستأمن (بسببّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ولم يصرح به قال ابن المنير كأن البخاري كان على مذهب الكوفيين في هذه المسألة وهو أن الذمي إذا سب يعزر ولا يقتل (قال بعض علمائنا وليس هذا) أي قول اليهود السام عليكم (بتعريض بالسّبّ) أي الشتم (وإنّما هو تعريض بالأذى) ولكنه موصوف بالذم (قال القاضي أبو الفضل) يعني المنصف (وقد قدّمنا أنّ الأذى) بعمومه (والسّبّ) بخصوصه (في حقّه صلى الله تعالى عليه وسلم سواء) لاستوائهما في تنقصه والخروج عن دينه الموجب لتكفيره بخلاف غيره فإنه يفرق بينهما باختلاف تعزيره حسب تقريره وفيه إن جميع مراتب الايذاء لا تكون مع السب في حالة السواء فإنه عليه الصلاة والسلام كان يتأذى من أصحابه الكرام إذا صدر عنهم ما يوجب شيئا من الآثام (وقال القاضي أبو محمّد بن نصر) بصاد مهملة (مجيبا عن هذا الحديث) أي حديث السام (ببعض ما تقدّم) من الكلام (ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ هَلْ كان هذا اليهوديّ من أهل العهد) أي الجزية (والذّمّة) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>