الله تعالى عليه وسلم في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى سوق المدينة فخندق بها خندقا ثم بعث إليهم فضربت أعناقهم في تلك الخنادق وكانوا على ما قيل ستمائة أو سبعمائة وقسم الأموال والنساء والذراري وذلك قول تعالى وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أي عاونوا الأحزاب على حرب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ) من رواية البخاري وغيره (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يؤتى إليه) أي لم يعاقب أحدا على مكروه يقع عليه (قطّ) أي أبدا في حال من أحواله (إلّا أن تنتهك) بصيغة المجهول أو الفاعل أي تنتقص أو تنتقض (حرمة الله تعالى) أي احترامه وعزته (فينتقم لله) أي حينئذ مع انتقامه لنفسه انتقاما لحرمة ربه (فاعلم أنّ هذا) الحديث (لا يقتضي) مضمونه (أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِمْ مِمَّنْ سَبَّهُ أَوْ آذَاهُ) أي بقوله أو فعله (أو كذّبه فإنّ هذه) المذكورات (من حرمات الله التي انتقم لها) وفي نسخة منها أي من أجلها ابتغاء لوجه الله تعالى كما تقدم من قتل أبي رافع وكعب بن الأشرف وغيرهما (وإنّما يكون ما لا ينتقم) أي منه كما في نسخة (له) أي لأجل نفسه (فيما تعلّق بسوء أدب) من اجلاف العرب (أو معاملة) مع أحد منهم (من القول والفعل في النّفس) وفي نسخة بِالنَّفْسِ (وَالْمَالِ مِمَّا لَمْ يَقْصِدْ فَاعِلُهُ بِهِ أذاه) أي أذى النبي عليه الصلاة والسلام (لكن) أي إلا أنه صدر (ممّا) وروي بما أي بسبب ما (جبلت عليه الأعراب) أي من الأخلاق أو من الطباع التي خلقت وطبعت وتعودت عليها (من الجفاء) بفتح الجيم ومد الفاء وهو غلظ الطبع (والجهل) بآداب الشرع كما قال تعالى الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ (أو جبل عليه البشر) أي جنس بني آدم كلهم (من الغفلة) أي الغيبة عن مقام الحضرة وروي من السفه وهو الخفة وقلة المبالاة بالعمل (كجبذ الأعرابيّ) بجيم فباء موحدة فذال معجمة أي جذبه بعنف وشدة (رداءه) وفي نسخة بردائه فالباء للتقوية أو لتأكيد التعدية وفي بعض النسخ بازاره وهو خطأ فاحش كما يدل عليه (حتّى أثّر) أي أثر جبذه (في عنقه) اللهم إلا أن يحمل الإزار على الملحفة وهو كل ما سترك وقد قال الأعرابي كما في البخاري مر لي من مال الله الذي عندك (وكرفع صوت الآخر) أي الأعرابي أو غيره (عنده) قال الحلبي يحتمل أنه يريد ثابت بن قيس بن شماس فقد روى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس فقال رجل يا رسول الله أنا اعلم لك الحديث في خوفه من رفع صوته عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عند نزول قوله تعالى لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الآية ويحتمل أن يريد غيره قلت المتعين أن يكون غيره لأن قصته من محامد مناقبه لا في مذامه من مراتبه وأما قول الدلجي أن الذي قال هذه قسمى ما اريد بها وجه الله فموقوف على ثبوت كون مقوله هذا واقعا برفع صوته وقد عينه التلمساني بالأعرابي الذي طالبه عليه الصلاة والسلام في دينه وأراد اصحابه