للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى أم لا لا يحكم بكفره فإن كثيرا من الناس إذا ترددوا في كلمة يراجعون القراء العارفين بالقراءة لا يقال مراده بالحرف هو المجمع عليه فإن الإشكال باق على حاله إذ لا يخلو قارئ عن تردد في حرف من حروفه نعم من شك في حرف مع علمه بأنه من القرآن فلا شك أنه كافر، (وقال) أي ابن سحنون (من كذّب النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي مطلقا (كان حكمه عند الأمّة) أي جميعهم (القتل) وإنما الخلاف في أنه هل يستتاب ولو بالاستمهال أم لا بل يقتل في الحال، (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبُ سُحْنُونٍ من قال إنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام أَسْوَدُ قُتِلَ. لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم بأسود) بل كان أبيض كأنما صيغ من فضة رواه الترمذي في الشمائل عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وفي رواية مسلم والترمذي عن أبي الطفيل كان أبيض مليحا وفي رواية البيهقي في الدلائل عن علي رضي الله تعالى عنه كان أبيض مشربا بالحمرة يعني لأنه أبيض أمهق وهو البياض المشبه بالجص المكروه عند أكثر الطبائع السليمة والحاصل أن بياض لونه ثابت في الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة مختلفة في المبنى متواترة في المعنى فمن قال في حقه إنه كان أسود يكفر حيث وصفه بغير نعته الموجب لنفيه وتكذيبه لكن قد يعذر قائله إذا كان جاهلا بوصفه عليه الصلاة والسلام لا سيما إذا كان من العوام إلا إذا أراد به تنقصه واستهانته عليه الصلاة والسلام وهذا يختلف باختلاف العرف بين الأنام إذ السواد مرغوب بين الحبشة والهنود كما أن البياض مطلوب عند العرب والاعجام وإلا روام (وقال نحوه) أي مثل مقال ابن أبي سليمان (أبو عثمان الحدّاد قال) أي أبو عثمان وأبعد الدلجي حيث قال أي ابن أبي سليمان (لو قال) أي أحد من المسلمين (إنّه مات قبل أن يلتحي) أي قبل أن تنبت لحيته (أو أنّه كان بتاهرت) وفي نسخة بتهرت وهو بمثناة فوقية في أوله وآخره وبفتح الهاء وسكون الراء مكان بأقصى المغرب قيل هو آخر العمارة (ولم يكن بتهامة) بكسر أوله أي مكة أو أرض الحجاز (قتل لأن هذا نفي) متضمن لوجوده وظهور كرمه وجوده ثم القولان كلاهما مخالف للكتاب والسنة المشهورة أما بطلان القول الأول فيستفاد من قوله تعالى قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ وأما بطلان القول الثاني فيستفاد من قوله تعالى لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها والمراد بأم القرى مكة بالإجماع وأما بطلانهما من الحديث فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام بعث على رأس اربعين سنة فأقام بمكة ثلاثة عشر وبمدينة عشرا وتوفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء (قال حبيب بن ربيع تبديل صفته) أي المشهورة (ومواضعه) أي المأثورة بغيرهما (كفر) به ونفي لوجوده (والمظهر له) أي لتبديلها (كافر) أي ابتداء أو مرتد أي انتهاء (وفيه الاستتابة) أي طلب التوبة (والمسرّ له) أي المخفي لهذا الاعتقاد الفاسد والكاتم لهذا القول الكاسد (زنديق يقتل دون استتابة) أي في مذهب مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>